الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

"صفقة تبادل كبرى" قد تكون في الطريق؟

نشر بتاريخ: 02/03/2019 ( آخر تحديث: 02/03/2019 الساعة: 10:54 )

الكاتب: د.هاني العقاد

منذ ان اعلنت كتائب القسام عن وجود اسرى لديها بعد الحرب الاخيرة في العام 2014 لم تتوقف محاولات اسرائيل في البحث عن ادنى خيط للوصول الى اي معلومة حتى ولو كانت صغيرة وتافهة عن اسراها لدى حركة حماس الا ان كافة محاولاتها باءت بالفشل الذريع واحدة بعد الاخرى.  
ولعل محاولة اسرائيل ارسال قوات خاصة داخل قطاع غزة وانكشاف امرها في خانيونس وفشل مهمتها بعد الاصطدام برجال المقاومة ومقتل قائد الوحدة في عملية كانت من اكثر العمليات تعقيدا اوجعت اسرائيل لدقة المهمة التي كانت تقوم بها تلك الوحدة الاسرائيلية دون ان يكشف احد عن ماهيتها، هذا شكّل لاسرائيل حالة مختلفة من العمل باتجاه التوصل لاتفاق ما مع حماس لاستعادة جنودها الاسرى، ولعل فشل الوحدات الخاصة بالوصول الى معلومات عن اسرى اسرائيل داخل القطاع وانكشافهم جعل من المستوى الامني الاسرائيلي يغير من خطته التي يعمل عليها والانتقال الى الخطة رقم (2) وهي تسوية المسألة باتفاق عبر وسطاء للحصول على اي معلومة حول ماهية اسرى اسرائيل اذا ما كنوا جثث، جرحى او احياء... المهم ان اسرائيل كانت تعطي المستوى الاستخباري الاولوية للحصول على معلومات وكانت اسرائيل تراوغ في كل مرة يفتح فيها ملف اي صفقة لتبادل الاسرى وحاول وسطاء مختلفين اجراء مفاوضات لصفقة جديدة مثل المانيا والنرويج الا ان مصر لم تترك هذا الملف وكانت تطبخ على نار هادئة وبسرية تامة.
اليوم بات هنا دليل على وصول السيد اسماعيل هنية الى اتفاق لصفقة تبادل كبير عبر القاهرة ونجاح مساعي حماس ووفدها الذي مكث اكثر من شهر في القاهرة تناولوا عدة ملفات، وكان ملف صفقة لتبادل الاسرى الاهم، وواقفت حماس على فتح الملف مقابل فتح ملف المختطفين الاربعة من كتائب القسام ولعل موافقة القاهرة فتح هذا الملف باعتباره محفز لفتح ملف الاسرى وملف التهدئة ومسيرات العودة. 
اليوم عاد 4 معتقلين فلسطينين من القاهرة بعد يوم واحد من عودة السيد اسماعيل هنية الى القطاع وانهاء زيارته للقاهرة التي استمرت اكثر من شهر وبعودة هؤلاء الشبان بات امامنا دليل على توصل السيد اسماعيل هنية لاتفاق صفقة كبيرة لتبادل الاسرى بين حماس واسرائيل تقضي بتسليم حماس مصر من هم لديها من اسرى وجثث لتفرج اسرائيل عن 1500 اسير فلسطيني منهم 500 اسير من ذوي المؤبدات، وهذا ما كان قد اكده الصحفي الاسرائيلي "يوني بن مناحم" للقناة السابعة قبل فترة. 
"صحيفة العربي الجديد" كانت قد نقلت عن مصادر فلسطينية ان مشاورات متقدمة جرت في القاهرة بين وفد من حركة حماس برئاسة السيد اسماعيل هنية ورجال المخابرات المصرية حول صفقة تبادل واسعة ربما تكون الكبرى وقد تكون "ثلاثية الابعاد" اي بمعنى ان الصفقة لن تقتصر على الاتفاق على اطلاق سراح اسرى فلسطينيين او تلبية اسرائيل لشروط حماس باطلاق سراح محرري اسرى شاليط الذين اعتقلتهم اسرائيل مقابل معلومات عن اسرى اسرائيل لدى حماس.
الصفقة التي قد يكون توصل اليها السيد اسماعيل هنية مع مصر هي صفقة ثلاثية تتجاوز الوساطة حيث تفرج مصر عن اعضاء من القسام كانت اعتقلتهم اجهزتها الامنية في 2015 كمحفز لما بعد ذلك صفقة التبادل وملف التهدئة ومسيرات العودة والمصالحة وتتعهد مصر باستخدام ما لديها من علاقات قوية بالسلطات الليبية والطلب من السلطات هناك اطلاق سراح اربعة اخرون يقبعون بالسجون الليبية والغاء الحكم الصادر بحقهم واعادتهم الى غزة. 
وما استطعنا حصره من دلائل تشير الى ان الصفقة اُنجز الاتفاق حولها وخاصة ان مصدر في حركة حماس كان قد افاد للاعلام قبل اسبوع ان قوائم الاسرى المنوي طلب اطلاق سراحهم في صفقة التبادل جاهزة لكن ذات المصدر اكد ان الملف معلق بسبب عدم موافقة اسرائيل على شروط حماس بالافراج عن محرري صفقة شاليط دون حسابهم من العدد المطلوب الافراج عنه في الصفقة الكبرى...
الصحفي الاسرائيلي "يوني بن مناحم" عاد وذكر للقناة السابعة ايضا ان الشاباك التقي مؤخرا بـ 30 اسيرا من محرري صفقة شاليط داخل سجون الاحتلال بهدف ترتيب الافراج عنهم في صفقة تبادل. هذا يعني ان اسرائيل استوفت كافة الاجراءات للبدء الفوري بالصفقة وقبلت بما يطرح من قبل الوسيط المصري ووافقت على شروط حماس وما هي مسألة وقت وتطلق سراح محرري اسري شاليط لتحديد الوقت لبدء اجراءات اتمام المرحلة النهائية من صفقة التبادل الكبرلا ان لم تحدث تدخلات دراماتيكية على الخط ويلغي الاتفاق وتفوز حماس باعادة ابنائها الاربعة فقط من مصر.
القاهرة باتت معنية بشكل كبير اتمام الصفقة وازالة اي عوائق تحول دون انجازها ولعله بات واضحا ان القاهرة تسعى لتوظيف كافة الملفات للحفاظ على حالة الهدوء والاستقرار في المنطقة ولن يتحقق الهدوء الا اذا حققت حماس انجازا كبيرا يرفع اسهمها بالشارع الفلسطيني ويخرجها من امام الحائط الذي وصل وجهها اليه بعد انغلاق الافق امام تحسين وضعها في غزة وحل الازمات التي جاءت نتيجية ادارة قطاع غزة لاكثر من 10 سنوات. 
وهنا تستخدم القاهرة كل ما تمتلك من علاقات مع اطراف المعادلة.. حماس واسرائيل وليبيا والسلطة الفلسطينية التي لن تمانع ايضا باتمام هذه الصفقة، وتأمل القاهرة من وراء انجاز الصفقة الكبرى ان تثبت تفاهمات هدوء طويل الامد بين اسرائيل وحماس في غزة يتنتهي معها مسيرات العودة والاحتكاك بالجيش الاسرائيلي على الحدود، وتقبل اسرائيل مقابل ذلك برفع الحصار عن قطاع غزة تدريجيا وتساهم دول الاقليم والامم المتحدة بحل ازمات غزة حتى بدون وجود السلطة الفلسطينية.

Dr.hani@[email protected]