الإثنين: 17/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترانيم الضياع....

نشر بتاريخ: 12/03/2019 ( آخر تحديث: 12/03/2019 الساعة: 12:10 )

الكاتب: يونس العموري

وتقول الأسطورة ان ثمة بندقية مقاتلة باسم الحرية كانت فارضة لذاتها، وكانت مسيسة تعي بالضبط وجهتها وتوجهاتها وتعلم اخلاقياتها ومبادىء فعلها، ومعادلة وجودها وأحقيتها بحماية الذات، وتنقش الاسطورة بصفحاتها ان ثمة غصنا اخضرا كان مصاحبا لتلك البندقية ذات الاخلاق والرؤية، ولعل الأمس كان الافضل، ولعل الفعل كلن الاجدى والاجدر، ولعل الكلام الموزون والمعبر عن الذات كان الأنقى، ولعل الموقف كان الحقيقة الصارخة، والتعبير عن الذات بكل اللغات الممكنة كانت المفهومة الواضحة حيث ان الوضوح هنا مرتبط بوضوح ابجديات الغضب الساطع والمنتصر للحق بالحب والاستناد الى أسوار البيت العتيق، وكنا قد أسقطنا بنادقنا ولوذنا بالفرار نحو مدائن البلاستيك الكاذبة المشوهة الملوثة..
واوقفنا الغضب وكتمنا الغيظ وعند ناصية الشهود كنا الشهود على فعل التشويه والرهان على مواسم التزواج العبثي في الزقاق المقهورة، والعبثية صارت السمة الاساسية للفعل والافعال والصبح قد صار مسخا في ظل تسلل الشمس عنوة وغصبا واغتصابا، ونلوذ بالفرار من انفسنا حينما تكبر التساؤلات في اعماقنا واختلطت الالوان عديمة الوضوح والابيض صار الملوث. وضاعت رمزية الالوان ودلالات التناقضات صارت الشغل الشاغل لأولي الأمر فينا ، حيث مطاردة الرأي والموقف ان كان متناقضا مع الوان الليل.
وعنوان المرحلة كما اسلفنا القول من على ناصية الصراخ هو السقوط، وهذه المرة كان سقوط الرهان مجددا على الغصن المقاوم ..
وسقط الغصن الأخضر في اروقة المحافل الأممية وتلك المسماة بدهاليز صناعات السياسة المناطقية في ظل لعبة شطرنج الكبار، وملك ملوك المناذرة ما زال للأمر الصادر من روما مطيع ومنفذ، وكسرى المتربع على العرش له ان يرتع كيفما يشاء فالغصن الأخضر سقط وداسته بساطير الجند والعسكر، ونحن اللاهثون خلف سراب البحث عن فنون الكلام لمبادرة السلم والسلام، والاعتراف كان ان جاء من كبير كهنة معبد صياغة دبلوماسية الاشتباك التفاوضي الفوضوي بامتياز، بعبثية ربع قرن من الزمان لنجدنا امام جدران الرفض للمنطق والعدالة وقراءة التاريخ والأحقية بالحقوق وبشرعية الامم ومبادىء القوانين والقانون وأسسه، وكانت الإطلالة من على شاشة عبرية او عربية لا فرق واضحة صريحة مباشرة بتوزيع المنصب والمناصب للسائل والمسؤول، وهي الحقيقة الملموسة الواقعة الواقعية... ويظل الاعتدال والبحث عن المخارج والمخرج من واجب ومسؤولية الضحية وجموع الضحايا احترفوا فعل الانتظار والركون الى فعل الاشتباك في اروقة المحافل الدولية والرهان على الضمير الأممي وسنغزو شوارعهم وأمكنتهم ونقض مضاجعهم بالكلام الموزون الملتزم بعربية المبادرة الباحثة واللاهثة خلف سراب صناعة ( السلام ) ولقوانين روما ان تظل السائدة والحاكمة بأوامر قياصرة الغلمان الحاكمة في عواصم البيداء العربية، والغساسنة يقاتلون ويتصارعون على الحدود الشمالية وربما الشرقية مع مناذرة القوم... والوجع هو الحقيقة الساطعة وبلغ منتهاه وما من منقذ ومبلسم للجرح الغائر ويهوذا بأزقة الكلمات متربص وهو الكامن بين الجمل الفصيحة والصارخ بوجه الحقيقة والشامت والسائد وهو ذو اليد الطولى والعليا، والاستجداء فعلنا وافعالنا وان كنا خلفه لاهثين راكضين ونحن ارباب المرحلة للسلمية قائلين متضرعين وللحرك الشعبي محترفين..
وان كان الموت المتربص بين لحظاتنا مباغتا وان كان لابد من الموت فمن العار ان تموت جبانا وان كنت الشجاع المقدام المغاور المُبادر فأنت بالارهاب موسوم باعتراف ذوي القربى وملاحظات العسس المنتشرين ما بين النوم واليقظة ...
وسقط الغصن الاخضر والرفض سيد الموقف لفعل السقوط ولابد من اعادة الكره لإسقاط الخيارات الاخرى وفقا لمعادلة الاطمئنان والطمأنينة لسادة الأمم وعلى رأسهم الجالسين على منصة توجيه الاتهام لكل من يختلف واياهم على سيدة العالم بلاد العم سام وسيد البيت الابيض المتلعثم بالكلمات، من خلال صفقة القرن القادمة الواعدة الموعودة للرخاء في ظل الرشاوي لبيع الاوطان بالاثمان المحددة سلفا، واوطان المتوسط الشرقي الحزين فقدت ألمعيتها وخرجت من لعبة التأثر والتأثير والمؤثر، والكبيرة الشقيقة باتت الخادمة الأمينة الآمنة للغاز والنفط لأبناء العم والعمومة تفرض نفسها ولفرعون الحكمة والسيادة في ظل الرعية الجائعة الراعية للرعاع وهم الموتى بين الكثبان الرملية ...
وسقط الغصن الاخضر واصبحنا الغرباء في مدننا وبتنا لا نعلم او نعرف السبيل لحجرات نومنا، لنختبىء وخوفنا اضحى سقيم، وخوفنا قد صار من طقوس ايامنا فربما نغادر او نهاجر هذا البؤس ونغرد للمدن من بعيد ويظل نداء البعيد للبعيد الاجمل والانقى في سيمفونية الحنين لرائحة الزعتر البري والتين والزيتون وللأرض التي ستنظق عما قريب بالعبرية، وسيشيدون متحفا عربيا كبير على بوابته العملاقة سيكتبون هنا كان يحيا الغرباء الناطقين بلغة الضاد يوما ... بعد ان تصمت تكبيرات المساجد وتتوقف اجراس الكنائس عن الرنين..
وسقط غصن الزيتون وكيف له ان لا يسقط والاشجار في جبال الارض السمراء مُقتلعة مُحترقة..؟؟ والناهبون للثمر يرقصون بوسط الحقول بوضح النهار وهم السكارى وما هم بسكارى .. وللفرح متأبطون فقد صاروا المبادرون ولهم مسمياتهم في التلال وشباب الثأر بعد ان كنا نجول في روابي الاقحوان والحنون، وما زلنا نقول ان الحل يكمن بالدولتين، دولة لفقراء الهنود الحمر في زاوية من زوايا الوطن المسلوب واخرى لسادة العالم المتحضر... واخر يهدد ويتوعد بالتوجه نحو خيار الدولة الواحدة في ظل بدء الصراع حول الحقوق والواجبات ولا بأس بالقبول بالاخر بواحة التعددية مع يهوذا ومعايشة التنين وترويض الشاة على قبول الذبح بالشروط الافضل ...
سقط الغصن الاخضر، والبديل كان ان تم اسقاطه هو الأخر، واصبحنا نستجدي الحلول ونبحث عنها في دهاليز واروقة زقاق عواصم صناعة القرار وما من قرار لنصرة آذان الرب الممنوع في عاصمة الله على الارض ... ونحن القاعدون هنا بانتظار الإشارة والبشارة والرهان على من يحمل الراية ويعتلي ربوة مطلة على اغصان الزيتون المكسورة المنكسرة، ليقرع جدران الخزان ... ويعيد ترتيب الحقل بعد حراثتها ( وما بيحرث الآرض الا عجولها ..) والقادمون الى المشهد خلسة المنبوذون سيغادرون عند اول الصبح حينما يتلاشى الوهم بالأرض الرخوة لمداميك العرش الكرتوني في ظل الخراب والتخريب وعبثية ضجيجهم، والفتي المشاكس القالب للمعادلة الراهنة ،القادم من اقاصي الشمال والمترجل للجنوب عبر وسط الوسط غير المعترف بموازيين القوى وبمنطق قوانين الطبيعة. الباسم الضاحك سيأتي من حيث لا تحتسبون وكان ان جاء وجال وقال وأضحى اسطورة وايقونة تحلم به العذارى في وطن اللوز ومصادرة الحب..
وسقط غصن الزيتون الذي ارتفع يوما بقوة المنطق والعدالة والايمان بالثوابت وشرعة الاحرار بانتزاع الحق وفقا للدساتير الأنسانية البائدة في ظل شرعنة التطاول على الحب والحق، وسقوطه كان بمنطق القوة الفارضة لذاتها، والمفرطة بنيرانها، والقاتلة للجائع ... مولاي المُبتسم في عليين يا صاحب الخطوة الاولى سنظل بانتظار المسار والمسير للثورة على الوجدان والنهب والتخريب والتمرد علينا وعلى ذواتنا ..