الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مستقبل الخريجين.. قليلاً من الوعود.. كثيراً من العمل

نشر بتاريخ: 12/05/2019 ( آخر تحديث: 12/05/2019 الساعة: 10:10 )

الكاتب: د.ياسر عبد الله

يُعتبر استحداث مؤسسة حكومية تهتم بشؤون الخريجين مطلبا ناضل الخريجون سنوات طويلة لأجله، ولم يكن وليد فكرة او مشروع حكومي، فقد عُقدت مؤتمرات أربع في رام الله والخليل وبيت لحم وجنين بهدف تسليط الضوء على قضية بطالة الخريجين، وكانت المطالبة دوما "انشاء هيئة شؤون للخريجين"، وقد عمل الشباب الخريجين ومنذ العام 2015 على تسليط الضوء على قضية بطالة الخريجين من خلال صفحة الكترونية: "قضايا الخريجين داخل الوطن". ولا تزال الغالبية العظمى منهم تبحث عن عمل منذ عشر سنوات وربما أكثر، ورغم ذلك يتقدم الالاف لامتحان القبول في الشواغر المعلن عنها من قبل المؤسسات الحكومية وخاصة وزارة التربية والتعليم، الا ان نسبة التوظيف لم تتجاوز 4% في أحسن الاحوال؛ ولا يعقل ان يتقدم للامتحان هذا العام أكثر من (52) ألف خريج للتنافس على اقل من (1500) وظيفة! فما مصير البقية؟ وأين مقترح ملتقى الخريجين لحل الازمة المقدم لوزارة التربية والتعليم ورئاسة الوزراء؟
الخريجون في الاحصائيات..
أظهرت احصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء للعام 2018، إن نسبة بطالة الخريجين وصلت في قطاع غزة الى (72.2%) وفي الضفة الغربية (41.7%) وبالمعدل العام كانت النسبة قد وصلت (56.3%)؛ وهذا مؤشر تحدي امام الحكومة الجديدة، وبالتالي هو تحدياً للوزارة الناشئة او فتية التحدي (وزارة الريادة والتمكين)؛ فالأرقام خطيرة ومخيفة؛ ولكن بالإرادة الحل ليس مستحيلا!
ولا يعقل نسيان ابنائنا من خريجي الجامعات في الشتات أيضا الذين يعانون من البطالة كغيرهم، ويجب ان يشعر الخريج من جامعات خارج الوطن ان له مكانا في الوطن يعود اليه ولا يبقى مغترباً عن وطنه.
نصيحة ..
الى وزارة التمكين.. ان تعتمد نشر النسب المئوية للبطالة في صفوف الخريجين وفي كافة التخصصات حتى العام2019 عبر وسائل الاعلام وصفحة الوزارة، وان يتم التواصل مع الخريجين مباشرة، من خلال بوابة الكترونية" تتبع الى (وحدة التواصل مع الخريجين) داخل الوزارة، بحيث يتم تسجيل اسم الخريج وتخصصه وسنة التخرج، وهذا من شانه ان يخلق شفافية في أداء الوزارة ويوفر حالة من فهم مطالب تلك الشريحة من الشباب الفلسطيني؛ الامر الذي يعزز المصداقية والثقة بين الحكومة والشباب الخريجين. بالتالي يكون هناك رصد حقيقي لاحتياجات شريحة الشباب الخريج من الجامعات، والتي تشكل عصب المجتمع الفلسطيني.
التفاؤل الحذر!!
ان نكون متفائلين حول تحقيق انجاز وطني للوزارة هذا أمر مطلوب وفي محله، لان الخريجين يترقبون التغيير في واقعهم لكن ان نحدد الفترة الزمنية (100) يوم ونقول " توقع ان تظهر ملامح الوزارة الجديدة خلال الـ 100 يوم الاولى من عمل الحكومة؛ أرى انه أمر مبالغ فيه وغير كافي لبلورة خطة استراتيجية لقضية بطالة الخريجين. وأرى ان ما يستحق النظر والاهتمام ومن أجل وضع اسس لحل قضية بطالة الخريجين على المعنيين ان يلتقوا مع الخريجين أنفسهم، وان يجلسوا مع المؤسسات التي تهتم بقضية الخريجين منذ سنوات ولديها المعرفة بواقع بطالة الخريجين. ان الحل لا يكون بالوعود، بل بالعمل على تقديم حلول منطقية وليس وعودا تعجز عن تنفيذها الوزارة، الأمر الذي سينعكس سلبا على مصداقية الحكومة والثقة بها بشكل عام في وقت نحن بأمس الحاجة فيه لإعادة الاعتبار لمصداقية المؤسسة الوطنية وثقة جماهير شعبنا بها، ناهيك عن ان الوزارة الجديدة هي فرصة لا بد من تضافر كل الجهود لإنجاح رسالتها النبيلة!
المواءمة..
من اجل نتائج إيجابية على صعيد حل قضية العاطلين عن العمل من الخريجين لا بد من توفير شراكات وآليات تكامل في العمل المؤسسي الرسمي، بحيث تدخل وزارة العمل ووزارة الاقتصاد كشريك أساسي في وزارة الريادة والتمكين وكذلك الجهاز المركزي للإحصاء للاطلاع على واقع وتغيرات نسب البطالة للخريجين في كافة التخصصات، ووزارة التربية والتعليم و مجلس التعليم العالي وصولاً الى "ملتقى الخريجين الباحثين" وسماع اراء الأكاديميين والخبراء والخريجين أنفسهم. بهذا النمط من العمل التكاملي والتشاركي نستطيع ان نصل الى التمكين، وبالتالي يساهم الجميع في تحقيق الغاية المتوخاة من استحداث الوزارة الهادفة الى تمكين خريجي الجامعات الفلسطينية وغير الفلسطينية.
المخاطر..
أصبحت بطالة الخريجين تشكل خطرا على امن واستقرار الوطن بكامله؛ وقد كان حراك " بدنا نعيش " في قطاع غزة مؤشراً نحو غضب الشباب وخروجهم عن صمتهم بعد ان تجاوزت نسبة البطالة في صفوف الخريجين (72%) في قطاع غزة، والان النسبة في الضفة الغربية وصلت الى (41.7%) والخريج لا يميز بين الضفة وغزة في غضبه، لهذا فالأعين موجهة نحو الوزارة ويجري تحميلها مسؤولية كبيرة. وعليه فالوزارة بحاجة الى دعم، وإلى توفير مصداقية لها وثقة بها. ولعل هذا يعتمد على ما يلي: إعطاء وعود قابلة للتطبيق، والتقليل في الفترة الأولى من التصريحات حول عمل الوزارة والانتظار حتى استكمال البنية التحتية للوزارة من قانون وشراكات، وفتح قنوات عمل خارجية، وحل مشكلات التخصصات في الجامعات، والتركيز على استراتيجية التعليم المهني والتقني وإجراء التحول المطلوب في تخصصات الجامعات وإحداث نقلات نوعية في القطاعات الأخرى: الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات. وباختصار: “قليلا من الوعود كثيرا من العمل"
التحدي والفرصة..
التحديات كبيرة والامكانيات متواضعة والإرادة بحاجة الى استثمار الفرص وتطوير الإمكانيات واستحداث وابتكار الأدوات لتشكيل جدار حديدي مانع من الاختراق؛ فأعداء المشروع الوطني كثر ويتربصون بالمشروع الوطني في ظل استخدام الشباب الجامعي والخريجين لمواقع التواصل الاجتماعي والتي يمكنها تأجيج الرأي العام وتحريك الشارع ضد القيادة؛ بالمصداقية والثقة مع الشعب تفوت القيادة الفرصة على جميع المتربصين.
التشخيص والتمكين
التصريح عن مشاريع صغيرة ما زال مبكرا امام الوزارة في ظل الازمة المالية غير المعروف الى متى ستستمر، وحتى في الوضع الطبيعي وقبل الازمة لم يكن هناك إمكانية لدعم الشباب في مشاريع صغيرة، ان إطلاق التصريحات امر سهل؛ ولكن في ظل تكنولوجيا الانترنت سوف تستغل تلك التصريحات ضد الحكومة وضد الوزارة وضد المشروع الوطني برمته لهذا " قليلا من الوعود كثيرا من العمل ".
مستقبل الخريجين بانتظار ان يكون قرارات لإعادة النظر في بعض التخصصات في الجامعات، وإعادة النظر في طرح تخصصات جديدة لا تخدم سوق العمل، وكذلك النظر الى مستقبل التعليم المهني والتقني، وان يكون الخريجين شركاء مع الوزارة - اقصد الخريجين النشطاء في المطالبة بحقوقهم- ؛ فالحكومة امام تحدي، ووزارة التمكين سلاح ذو حدين: اما تكون رافعة للحكومة فتحشد الشباب حولها وتعيد المصداقية والثقة بين القيادة والشباب او ان تكون ثغرة في خاصرة الحكومة. و يجب ان لا تبقى مجرد وزارة في أروقة الحكومة، بل ان تمكن من امتلاك القدرة على استيفاء متطلبات النجاح لأداء رسالتها الوطنية.