الثلاثاء: 19/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ألفين وعشرين .. يا رب تعين

نشر بتاريخ: 26/12/2019 ( آخر تحديث: 26/12/2019 الساعة: 14:01 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في التراكم الطبيعي للأحداث التاريخية تبدو السنة 2020 ، سنة الحصاد . من زرع خيرا يحصده ومن زرع شرّا يحصده . من زرع الكراهية والاحتلال والحرب الدينية يذوق منها ، ومن زرع الفساد يقع في البئر . من زرع الفتنة ومن زرع الضلال ومن زرع الإحباط يأكل مما زرع . ومن زرع الثورة على الظلم والقيم الطيبة سيصل الى مبتغاه .

الحكومات والأفراد في نفس البوتقة . لم يعد بالإمكان التراكم الكمي وقد إمتلأ جوسق الأسرار حتى فاض ، ولا بد من تغيير نوعي يبدل الحال وينتقل الى مستوى جديد من التراكمات الاخرى .

عربيا .. فقدت الدول العربية مبرر وجودها بينما فشل مشروع الخلافة بشكل هستيري . ولم تصل الدول العربية بعد الى مستوى معاهدة ( يالطا ) ولم تصل الى مستوى ( مشروع مارشال ) ولكن الدول العربية تتخبط في مرحلة ( فرساي ) التي تلت الحرب العالمية الأولى ، وما تبعها من تقسيم نفوذ وتغييرات شكلية ظالمة لا تمنح السلام ولكنها تؤسس للحروب القادمة بأبشع صورها . وما بني على باطل فهو باطل . وكل ما تفعله الحكومات العربية لا يتخطى محاولة التحايل على الواقع وجميع الاتفاقيات التي يجري ترسيمها هي اتفاقيات تدليس وإحتيال على الشعوب . ورغم الكنوز وبحور النفط عند العرب لا يزالون يعانون الفقر والجهل والتخلف . وفي العام القادم سيبحث الجميع عن مخارج . لكنهم يفتحون باب التراكمات للمواجهة القادمة التي ستحرق الاخضر واليابس وتطرد النفوذ الاجنبي بشكل دموي لم يسبق له مثيل .

ايران .. لم يبق أمام ايران سوى احتمالين ، امّا امتلاك السلاح النووي وتحدي العالم كله والعيش في حصار شديد . وامّا التوصل لاتفاق تسوية جديد على غرار خمس زائد واحد . فلا ايران تتحمل المزيد من الإستنزاف ولا الاحتلال الاسرائيلي يستطيع العيش في داخل اللعبة التي حشر فيها نفسه . نظرية الخميني " تصدير الثورة "لا تزال تقلق جميع الدول العربية والتي تتعامل معها على أنها مسألة حياة او موت بالنسبة لأنظمة الحكم المجاورة" .

روسيا - لا يمكن ان تستمر في موقع ( تاجر السلاح ) . وفي العام القادم عليها ان تواجه أسوأ مخاوفها . فاما ان تبدأ بتصدير الصناعات والتكنولوجيا وتشرع في بناء المدن التي هدّمتها الحروب وامّا ان تخسر العالم العربي . لان فترة الكلاشنكوف الروسي التي عاش عليها العرب في السبعينيات لم تعد تناسب مجتمعات تصبو الى الحضارة والبناء والعلوم ، وهي فترة انتهت ولن تعود .

أمريكا .. تدخل الولايات المتحدة جنون الإنتخابات مرة أخرى ، ولكن الجديد هذه المرة أن أمريكا ليست بعيدة عن باقي قارات العالم . وفي حال يتواصل الخطاب العنصري الذي يقوده ترامب . لسوف تشرب من ثلاثة كؤوس ( كأس العنصرية وتغرق شوارعها بالقتل والدماء - كأس الربا وفائض القيمة فتنهار بنوك وشركات كبرى وتتحطم بورصات الامبريالية - كأس الصهيونية التي تفتل بالجسم الامريكي كما السرطان ) .

اسرائيل .. دولة الاحتلال تجاوزت كل حدود الكراهية والعنصرية والتوحّش ، وأصبحت عنصرية بشكل لا يطاق . يسيطر عليها المستوطنون والارهابيون اليهود من جهة ويسيطر عليها المتدينون المتخلفّون الرافضون للتكنولوجيا من جهة اخرى . وبين سفاريم الشرق وأشكناز الغرب ما صنع الحدّاد . ويستطيع اي مثقف عربي ان يجاهر ويقول : فلسطين ليست المكان الذي يصلح للعيش ليهود العالم والمهاجرين من أصقاع الأرض . واسرائيل تنحسر ايديولوجيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا . والساعة الرملية لانتهاء وجود اسرائيل بدأت منذ سنوات ولن يوقفها احد هكذا زرعوا وهكذا ما سيحصدون . هاجروا الى فلسطين بالسفن وسيرحلون عنها بطائرات الاير باص والبوينغ .

فلسطينيا .. فشلت تجربة حماس في خلق ثورة مضادة لمنظمة التحرير وتحوّل قطاع غزة الى سجن فوق الارض ومخزن سلاح تحت الأرض كما فشل مشروع منظمة التحرير المتمثل في اتفاقيات اوسلو ، ولم يحصد سكان الارض السلام ، ولا الازدهار . وانما حصدوا الشوك والموت والسجون . امّا اليسار فقد تحوّل الى نخبة ديكور وشريحة مخملية منفصلة عن الواقع ، ومعظمهم رجال مقال وليسوا رجال مقام .
النظام السياسي كله ، عنيف وفاشل ودكتاتوري ، والتنظيمات أكثر عنفا في الداخل وأقل عنفا مع الاعداء , يجري منع النقد وضرب المتظاهرين بالعصي على رؤوسهم وتقطع رواتب من يعترض على اي شئ وكأننا نعيش في تشيلي أيام الدكتاتور بيونو شيه .. جيش من العظماء والمبدعين والعلماء خارج دائرة القرار بينما يتسلق الانتهازيون والفشلة أعلى سلم الهرم السياسي والتنظيمي . ولا يمكن الاستمرار على هذا الحال .
عام 2020 هو عام الفرصة الاخيرة للتغيير سلميا ومراكمة انتصارات الشعب الفلسطيني في الصمود والجنايات الدولية والمحافل العالمية . والا فإن النظام كله في خطر .