الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مستشار الرئيس .. تسمعني أجب

نشر بتاريخ: 20/08/2019 ( آخر تحديث: 20/08/2019 الساعة: 12:18 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في كتابات الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر ، كان يعود إلى علم النفس ويقول : إن المرء حين يختار المستشار يكون قد حدد سلفا نوع المشورة التي يبحث عنها . فلو سألت رجل دين فانه سيعطيك اجابة نمطية أنت تعرفها أصلا ، ولو سألت طائشا سيحثّك على المزيد من المغامرات ، ولو سألت جبانا فإن مشورته ستكون حتما دعوتك الى إمتصاص الاحداث والمزيد من الصبر وعدم الاكتراث لكلام الناس ، ولو سألت عالما فإنه سينصحك بالاستثمار في التعليم والمزيد من التجارب العلمية وهكذا .
امّا الرؤساء فان وجود المستشارين إلى جانبهم ( حق وواجب ) . فمن حق الرئيس أن يحصل على مستشارين من ذوي الاختصاص وبالمقابل يجب عليه أن يعمل مع مستشارين وأن لا يفكر لوحدة ولا يقرر لوحده لان في ذلك خطرا شديدا .
ارئيل شارون رفض وجود مستشارين لكن الكابينيت أجبره على تعيين مستشارين للحد من قراراته الطائشة التي قد تحطّم المؤسسات ، وفي النهاية وافق على تعيين إبنه عمري مستشارا ، فوافقت المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية وبدأت تعمل على عمري لاقناع والده بقرارات قد لا يوافق عليها .
ولكن المؤسسة العسكرية رفضت الاكتفاء بذلك وأجبرته على تعيين مستشارة عسكرية تلازمه ليل نهار . وذات ليلة أفاقت من النوم وأبلغته ان طائرة مجهولة تقترب من تل ابيب قبل الثانية فجرا فقال شارون ( أسقطوها !!! ) . ولكن المستشارة العسكرية إتصلت فورا بقادة الأمن وتم تجنّب وقوع الكارثة اذ اتضح أنها طائرة مدنية روسية على متنها 200 راكب !!!

لا يمكن ، ولا يحق لاي رئيس أن يعمل من دون مستشارين .. وتبقى العبرة في كيفية اختيارهم وحدود صلاحياتهم ونوعية استشاراتهم ومن هي الجهة التي تراقب عملهم وتحاسبهم وتعطيهم المعلومات الصحيحة التي تقيد قراراتهم التي ينصحون بها الرئيس .
معظم مستشارين الرئيس أبو مازن هو الذي اختارهم بنفسه ، وهو الذي عمل معهم .. ولكن في الفترة الأخير تم استهلاك مفهوم مستشار لدرجة صار المنصب للمباهاة والامتيازات وليس للعمل السديد .
تماما كما إنتشر فيروس موضة ( المرافق ) عند بعض المسؤولين المصابين بعقدة النقص في داخل بلداتهم وعائلاتهم ، والذين يتناسون أنهم تحت الاحتلال ، وقد شاهدت العديد من المسؤولين يقومون بتقليد الرئيس رغم إنخفاض مرتبتهم . وقد سألت احدهم ذات يوم : لماذا انت لا تتولى إخراج علبة السجائر من جيبك وتقوم باشعال سيجارتك لوحدك ؟ هل انت مشلول وتحتاج لعناية خاصة ؟ ولماذا تطلب من المرافق " وهو ضابط أمن تعب أهله على تعليمه " ان يشعل لك السيجارة ؟ فقال لي : ارجوك لا تكتب عن الامر وانا أعدك أن أتوقف عن ذلك !!!
أعرف جميع المستشارين الذين يعملون مع الرئيس ، وهم أخوة أعزاء ولهم قيمتهم وحضورهم ، ولكن العبرة في الوصف الوظيفي وطريقة استخدامه .
واجب على الرئيس ، قبل أن يكون حق للرئيس . وجود مستشارين أكفاء وذات تخصص عال وأداء متميّز لخدمة القضايا العامة ، وأكرر ( القضايا العامة ) .وليس الاحتماء بالمنصب والسكون للبقاء فيه .
ذات مرة سألت أحد مستشاري الزعيم عرفات ، وهم كثر : أنت مستشار للرئيس قل شيئا بخصوص ذلك الامر . فأجابني ما لن انساه أبدا وقال : أفضل شئ أن يسكت المستشار وهكذا يحمي نفسه دائما !!!!!!!
قلت له : ومن يحمي الناس ؟ ومن يحمي الرئيس ؟