الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الاسرائيلية و انعكاساتها على الفلسطينيين

نشر بتاريخ: 01/03/2020 ( آخر تحديث: 01/03/2020 الساعة: 14:44 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

غدا سيتوجه الاسرائيليون للإدلاء بأصواتهم للمرة الثالثة بعد ان فشلت الأحزاب و الكتل من تشكيل حكومة تحظى بثقة الأغلبية البرلمانية . هذه المرة أيضا ووفقا لآخر استطلاعات الرأي التي اجريت قبل يومين ليس هناك اي تغيير جوهري في موازين القوى و ان اي من الأحزاب و الكتل لا يملك أغلبية لوحده بتشكيل حكومة.
هناك تغيير طفيف غير جوهري الا إذا تعزز يوم الاقتراع وهو ارتفاع في شعبية الليكود بمقعد او مقعدين على حساب ازرق ابيض و تراجع في قوة ليبرمان إلى ستة مقاعد فقط و لكنها الأهم من بين كل المقاعد حيث هو الذي ما زال يقرر إذا كان نتنياهو سيبقى رئيسا للوزراء من خلال التحالف مع قوى اليمين و الحريديم و المستوطنين او بيني غانتس بالتحالف مع تكتل العمل ميرتس و اورلي ليفي ابو كسيس مستندين على أصوات القائمة العربية المشتركة من خلال الدعم من الخارج.
السيناريوهات كثيرة و متعددة و كل شيئ ممكن ان يحدث في هذه الانتخابات على الرغم من التقدير بأنه طالما لم يحدث اختراقات في الصفوف و الحصون قد لا يستطيع احد من بين رؤساء الكتل تشكيل حكومة كما حدث في المرات السابقة.
ومع الأخذ بعين الاعتبار ان السياسيين لا يؤخذ كلامهم و تصريحاتهم على محمل الجد خلال مرحلة الانتخابات و الدعاية الانتخابية الا ان بعض التصريحات و المواقف يمكن ان تعتبر استثناء. احد هذه الاستثناءات هو اصرار ليبرمان على منع نتنياهو من تشكيل حكومة طالما كان الأمر يتعلق به و انه جاهز لفعل كل شيء من اجل افشال نتنياهو.
لقد نجح ليبرمان في تحقيق هذا الهدف في جولة الانتخابات الأولى و نجح في جولة الانتخابات الثانية و سيبذل كل جهد ممكن لكي يمنع نتنياهو أيضا في جولة الانتخابات الثالثة من تشكيل حكومة.
الأمر ليس له ابعاد سياسية على الإطلاق، حيث ليس هناك فرق كبير بين نتنياهو و ليبرمان و لكن الأمر شخصي جدا حيث هناك حقد دفين بين الاثنين و ليبرمان يريد ان ينتقم من نتنياهو و يمنعه من تشكيل حكومة.
احد أسباب هذا الحقد بين نتنياهو و ليبرمان هو ان الأخير يعتبر نتنياهو حاول توريطه في قضايا فساد و ادخاله السجن من خلال استئجار شركة مراقبة و تحري خاصه للإيقاع به و بأعضاء كنيست تابعين له.
في كل الأحوال ، إذا ما نجحت احدى الكتل في تشكيل حكومة ، كيف سينعكس ذلك على الوضع الفلسطيني؟
أولا: في حال نجاح نتنياهو في تشكيل حكومة يمين و يمين متطرف .
لقد نُقل عن نتنياهو بأنه لن يكترث إذا ما انهارت السلطة الفلسطينية او انهارت اتفاقية السلام مع الأردن إذا ما تم ضم الأغوار و اجزاء من الضفة الغربية و انه سيفعل ذلك بعد الانتخابات .
في مقابل ذلك فجر امس ليبرمان مفاجأة عندما صرح خلال ندوة في حولون بأن لديه معلومات موثوقة من مصادر امنية بإن نتنياهو ارسل رسالة مع شخصية امنية كبيرة الى جلالة الملك عبد الله بن الحسين يبلغه فيها انه لا ينوي ضم الاغوار و ان ما يقوله هو مجرد دعاية انتخابية.
كل شيئ ممكن لدى نتنياهو سواء تضحيته باتفاقيات السلام او بتضحيته بالأغوار لان ما يهمه هو البقاء في السلطة و الهروب من المحكمة ، لكن فيما يتعلق بموقفه من السلطة الفلسطينية و استمرارها فهو حقا لا يكترث كثيرا لاستمرارها او انهيارها لان مشروعه في الضفة مستمر و إذا ما بقي على رأس السلطة و أعيد انتخاب ترامب مرة أخرى فأن مشروع الضم و تطبيق اجزاء من صفقة القرن سيتم تنفيذة وهم مطمئنين وغير قلقين من ردود الفعل الفلسطينية و العربية و الدولية.
أما فيما يتعلق بغزة و على الرغم من كل التهديدات العنترية ، خاصة من وزير دفاعه نفتالي بينت فطالما الأمر يتعلق بنتياهو فأنه سيفضل ان يبقى الوضع على ما هو عليه لان استمرار الانقسام الفلسطيني و فصل غزة عن الضفة من الناحية الاستراتيجية هو كنز يجب الحفاظ علية و هناك فرصة تاريخية من وجهة نظر نتنياهو و اليمين للانقضاض على ما تبقى من الحقوق و الأحلام الفلسطينية.
لكن نتنياهو و بينت يدركان ان استمرار التوتر وجولات التصعيد على جبهة غزة امر لم يعد يحتمله الرأي العام الاسرائيلي و لم يعد يحتمله مستوطني غلاف غزة.
ثانيا: في حال تشكيل حكومة برئاسة بنيامين غانتس؟
على افتراض ان غانتس سينجح في تشكيل حكومة برئاسته فأن الأمر سيتعلق بمن هم حلفاءه في هذه الحكومة. هل هي حكومة ازرق ابيض و العمل ميرتس و ليبرمان من خلال الاعتماد على القائمة العربية المشتركة ام حكومة وسط يمين يلتحق بها اضافة الى ليبرمان نفتالي بينت او اجزاء من الليكود .
في الحالة الأولى ستكون مهمة هذه الحكومة هي إسقاط نتنياهو و لن تكون قادرة على اتخاذ قرارات سواء بالحرب على غزة كما يهدد قياداتها او بالإقدام على ضم اجزاء من الضفة الغربية و الأغوار لانه في هذه الحالة ستسقط في اليوم التالي بعد ان ترفع عنها القائمة المشتركة الغطاء، حكومة في كل الظروف و الاحوال ستكون حكومة مؤقتة لن ستمر سوى اشهر معدودات .
اما حكومة بقيادة غانتس و مشكلة من ازرق ابيض و ليبرمان و بعض من اليمين لن تكون مختلفه كثيرا عن حكومة نتنياهو وكل شيء متوقع منها.
كذلك الأمر إذا ما حدث اختراق في هذا المأزق و تم تشكيل حكومة وحدة وطنية من ازرق ابيض و احزاب اليمين الأخرى ، في هذه الحاله سيقتطعون من الجسد الفلسطيني ما يستطيعون ووفقا ما تسمح به الظروف الدولية و وفقا لطول وعرض الغطاء الأمريكي الذي سيكون.
في كل الظروف و الأحوال يجب ان يأخذ الفلسطينيون مصيرهم بأيديهم و لا ينتظروا اي تغيرات في السياسة الاسرائيلية بعد الانتخابات بغض النظر عن طبيعة الحكومة التي ستكون.
اقصر الطرق لتحصين الموقف الفلسطيني و حماية الحقوق و الحفاظ على مصالح و كرامة الشعب الفلسطيني هو من خلال اعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي و التخلص من لعنة الانقسام و التعالي على الجراح و النظر إلى المستقبل و الابتعاد قدر الإمكان عن اجترار الماضي المرير الذي لن يفيدنا في شيء سوى مزيدا من جلد الذات.
في الوضع الفلسطيني الحالي لا احد بخير، لا احد وضعه جيد و الآخر صعب و لا احد في مأمن و الآخر في دائرة الخطر ، لا احد وضعه في صاعد و الآخر وضعه في النازل .