الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في اليوم السادس "أرى ما أريد" .. بيت لحم روضة أطفال

نشر بتاريخ: 10/03/2020 ( آخر تحديث: 10/03/2020 الساعة: 19:06 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

تخيلوا أطفال الروضة لا يملكون قرارهم ولا يختارون لباسهم ولا طعامهم ، يحملون ساندويتشات اللبنة وزمزمية الماء في حقائب على ظهورهم . لا يعملون ولا يقرأون ولا يكتبون ، وإنما يتعلمون الجلوس والانتظار والاصطفاف . يتعلمون لأول مرة الاصغاء وكيفية الخروج من الباب من دون تدافع وكيفية عبور الشارع وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض ... هكذا نحن .

معلمة الروضة فاض بها الغرام وهي تجهد وتصرخ لتعليم الأطفال ألف باء الانضباط . وأن من يريد التحدث يرفع يده ، فيرفع الجميع يده مرة واحدة ويتحدثون كلهم .. وأكبر سؤال وأهم سؤال قد يكون للذهاب إلى الحمام أو متى تأتي أمي وتأخذني !!!

لا عمل / لا وظائف / لا مواصلات / لا زيارات / لا صداقات / لا تجمعات ولا صفقة قرن / ولا خلاف وقد سكت الناطقون بلسان الانقسام .. مرة أخرى نعود إلى طفولتنا وأكبر مشاكلنا استرضاء المعلمة الغاضبة التي تتكدر من أصغر مطالبنا .

ما أكبر الفكرة ، ما أصغر الفيروس .. ما أعظم الحياة ، ما أسرع الخوف .

روضة أطفال بمعنى الكلمة ، أحدهم تراءى له أن جاره يسعل ورفع سماعة الهاتف واتصل بالطوارئ ليبلغهم عن هذا الجار الذي مشى مترنحا وقد بدت أعراض غريبة عليه .. ولكن الطاقم فهم الاتصال بطريقة مختلفة وأخذ اسم المشتكي ورقم هويته وطالبه بتسليم نفسه فورا للحجر ، المشهد سوريالي تماما وهو يصرخ : لست أنا المصاب بل هو جاري . ولا أحد يصدقه .. نزلت دموعي من شدة الضحك وهو يقول لي ارجوك ساعدني وأبلغهم أنني لست أنا المصاب .

" طفل " آخر طلب منه الأطباء التزام الحجر الصحي . لكنه من شدة الخوف خرج إلى السوق وقام بتقبيل الجميع .. تخيلوا المشهد حين عرف الأهالي أنه قام بملامستهم وقلب حياتهم رأسا على عقب .

مدير بنك يلبس بيجاما . أصدقاء في مراتب عالية خلعوا ربطات العنق وارتدوا أقنعة على وجوههم . ذو مناصب حساسة يلعبون ورق الطاولة وهم يلبسون الكفوف البلاستيكية . شباب التنظيم يحملون ميزان الحرارة بدل الكلاشينكوف . شيخ يشرح للمصلين ضرورة إغلاق المسجد / راهب يقنع المؤمنين بضرورة عدم الحضور إلى الكنيسة .

يا إلهي

يا الهي

كل صديق متهم حتى تثبت براءته الجرثومية

كل مواطن مشبوه وكأنه عضو في داعش

اختفت الألقاب والمناصب مرة واحدة .. وعاد التصنيف إلى العصر الطباشيري :

أن نكون أو لا نكون .