الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كأنّنا افترقنا لنتّحد جدا

نشر بتاريخ: 03/04/2020 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 17:25 )

الكاتب: د. هيثم إبراهيم عريقات

 

في كلّ عام تطلّ علينا المناسبات المختلفة، تتفتّح مع فصل الرّبيع تحديدًا، سواء أكانت دينيّة أو وطنيّة او عالميّة او أسريّة، الأطفال والشّبان ينتظرون نهاية العام الدراسيّ؛ ليحصدوا ما زرعوه في حقول العلم والمعرفة، الأمهات والآباء ينتظرون أيضًا فرحة المشاركة في تخرج أبنائهم من مراحل الدراسة المختلفة، أو ليزفوا أحدَ أبنائهم أو أحفادهم في فرحة تجمع الأهل والأحبة، وفي أقلّ الحالات ينتظرون تجمّع العائِلة ليخطّطوا لرحلة ربيعيّة.

المسلمون ينتظرون رمضان الكريم؛ ليحيوا شعائره وصلاته التي تجمعه،م وليتسامروا سويًا حتّى العيد ثمّ العيد الكبير وموسِم الحجّ في أجواءٍ من الفرحة والإيمان، شأنهم شأنُ إخوتنا أتباع النبيّ عيسى عليه السلام الذين يجتمعون لأداء طقوسهم وممارساتهم الدينية في مختلف أوقات العام المقسّم إلى سبعة أزمنة تدعى بمجموعها السنة الطقسية، ويرتبط كل زمن منها بقسم من حياة يسوع الأرضيّة وتختلف الأزمنة في مدتها، ومواعيد بدايتها، أو طرق الاحتفال، وهم أيضًا يصومون ويحجون، ويحتلفون بعيد الميلاد يسوع الذي يتشارك مع أخيه رسولنا المصطفى بأنهما من أولي العزم من الرسل، ونشاركهم ويشاركونا مناسباتنا المختلفة ونتقاسم معهم رغيف الخبزِ والأمل بالحريّة في مختلف مدن وبلدات فلسطين.

 لكن، هذا العام بدأ حزينًا، فمع ظهور هذا الوباء الذي يحاول تغيير خارطة حياتنا ويفصلنا عن مجتمعاتنا ويجعل شعائرنا وممارساتنا الدينية تحمل شكلًا مختلف فكأنّه يدعونا لنفترق لا لنجتمع.. يغلق كنائسنا ومساجدنا ويفرض علينا عدم ممارسة بعض شعائرنا وممارساتنا الدينيّة التي تجمعنا رافعين أيدينا إلى الله، داعين أن يعم السلام والحب والتسامح هذه المعمورة، وهو لم ينتبه أنّنا استبدلنا هذه الفرقة بالتّلاحم المجتمعيّ، وبأخلاقِنا وإحسانِنا، وأنّ ما وصف "بالتّباعد الاجتماعيّ" لم يكن سوى دعوة للتآلف والتراحم وحفظ النّفس والوحدة، وأننا ورغم ما يحصل سنَلبسُ وأبناؤنا ملابس العيد بعد صيامنا رافضين أي يعكّر هذا الوباء صفو فرحتنا؛ لأجل هذا كلّه سنلتزم بالإرشادات الطّبيّة؛ لتعود صلواتنا في مساجدنا وكنائسنا، ونعود مجتمعين في رحلة نبدأها بصلاة التراويح في باحات المسجد الأقصى المبارك متجهين بعدها لإضاءة شجرة الحب والإخاء نحو مدينة سيدنا المسيح عليه السلام ونعود لنستقبل العالم فعلى هذه الأرض، أرضُ الأنبياء، ما يستحقّ الحياة.