الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حينما نشاهد دعايات تجارية على فضائية الاقصى وفلسطين سنكون بخير

نشر بتاريخ: 05/05/2011 ( آخر تحديث: 05/05/2011 الساعة: 16:27 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - يعتبر سوق الاعلان في فلسطين سوقا بدائياً، سواء من ناحية الاستثمار ( مجمل سوق الاعلانات لا يتجاوز 2 مليون دولار) او من ناحية الانتاج ( شركات اعلان للهواة ينقصها الاحتراف ).

وتتخلص حالة الاعلان في فلسطين انها عبارة عن عملية استعراض عشائري واجتماعي مفرغ من قيمته الاقتصادية وان الاعلان لايزال مرتبطا بالطاؤوسية والمباهاة وليس على اسسس اقتصادية ديناميكية.


وربما تشير المتابعات ان المستهلك الفلسطيني لا يحظى بأية حماية ويستطيع اي تاجر سيارات ان يشتري سيارة بقيمة 15 الف دولار من اوروبا ويبيعها في رام الله او غزة بمبلغ 60 الف دولار دون ان يلقى اي نقد !! كما ان السوق في غزة وفي مدن الضفة اشبه بسوق تبادلي غير منظم وغير مضمون .


ورغم ان 80% من السكان يملكون اجهزة الكترونية مستخدمة للاعلام والاتصال ، وعلى رأسها التلفزيون وان 95% يملكون ساتالايت و 65% يملكون اجهزة كمبيوتر و42% لديهم خط انترنت دائم و61% لديهم خط تلفون ارضي مقابل 94% لديهم جهاز هاتف نقال، رغم وجود كل هذه الادوات الا ان الاعلان في فلسطين لا يزال متعثرا وعشائريا و "ساذجاً" ولا يشكل قيمة حقيقية في السوق الذي ينمو باضطراب.

وكيلا نضيع في التفاصيل، ندخل في موضوع الاعلان مباشرة ونحاول ان نشير باصبع الدراسة والتحليل الى المفاصل الهامة:

اولاً: لا يزال الاعلان في فلسطين يعتمد على الصحف المطبوعة رغم ان 57% من الجمهور لا يطالعون الصحف اليومية امحلية، وهنا لابد من الاشارة ان هناك فارق كبير في هذا المضمار بين سكان الضفة وغزة بعد ان توقف نشر وتوزيع الصحف في القطاع منذ نحو 4 سنوات ونجد ان 43% من سكان الضفة يطالعون الصحف مقابل 13% فقط من سكان غزة.

ثانياً: رغم ان أعلى نسبة مشاهدة هي التلفزيون لا نزال نلاحظ ان تلفزيون فلسطين الرسمي يخلو تقريبا من الاعلانات مقابل خلو تام للاعلانات من فضائية الاقصى، وهي اشارة تعني ان هاتين المحطتين ليستا بحاجة الى مال الاعلانات ، وان المال السياسي يغطّى نفقاتهما .
وللاسف فان اشهر الفضائيات العربية المعروفة لا تستطيع سد اولى احتياجاتها الاساسية من الاعلانات بل انها ورغم شهرتها لا تزال ترضع من ثدي المال السياسي حتى الثمالة ، ونادرا ما نرى دعاية على شاشاتها وان حدث ذلك نجد ان الدعاية تعود لجهة المال السياسي . وكم هو محزن ثقافيا وسياسيا واخلاقيا اخلاقيا ان نحو 700 فضائية عربية تخسر سنويا قرابة 12 مليار دولار ، أي انها محطات تنتقد فساد الانظمة العربية ولكنها اكثر فشلا منها ، بل انه وفي حال وقف الدعم عنها ستغلق ابوابها بعد شهر ، بعكس قنوات اسرائيل التلفزيونية التي تضطر ان تبدع وتقدّم كل غالي ونفيس للشركة المعلنة بل ان قنوات اسرائيل مستعدة ان تقطع خطاب رئيس الحكومة مقابل اعلان تجاري والعكس تماما عند القنوات الفلسطينية التي يمكن ان تسمح لسياسي ثرثار ان يمضي ساعات في الحديث المملل دون اي فاصل او دعاية او رعاية او اعلان.

ثالثاً: الانترنت ينتشر بشكل كاسح، ويقول التقرير المالي لوكالة "معا" ان الدخل التجاري والاعلاني لشبكة ووكالة "معا" في السنة الماضية بلغ مليون و 200 الف دولار وهو في تصاعد وهي نتيجة دفعت كبار المعلنين مثل الاتصالات الفلسطينية وشركة هونداي والبنك العربي وبنك القدس والجامعات الااكاديمية ان تسارع لتكثف اعلاناتها على المواقع الاعلامية الجديدة ، علماً ان نسبة متصفحي "معا" في الضفة 69% بينما في غزة 81%.

رابعاً: دأب التجار الصغار وأصحاب المحال التجارية على نشر اعلانات ورعايات بمئات الدولارات لكل دعاية في الشهر الواحد عبر شاشات التلفزة المحلية... لكن يتضح ان هناك ( انهيار) في نسبة مشاهدة هذه المحطات المحلية ما دفع المعلن الصغير والتاجر ان ينقل اعلانه الى الاذاعات المحلية.

خامسا : الراديو - افاد 55% مم شملهم مسح استبياني حديث أنهم يستمعون الى الراديو يومياً، وهو مؤشر على ان الاعلانات من الشركات الصغيرة ستشهد ازدهارا في الاذاعات في السنوات القادمة. ويشير المسح ان12 % يتابعون اسعار العملات والأسهم و1% فقط يتابعون اخبار السياحة!.

**** لكن المستقبل للاعلان على الفضائيات:

ومن الاشارات الدالة ان مستقبل الاعلان في فلسطين سيكون في صندوق الفضائيات، لكن هناك مشاكل هامة تعترض النجاح "الوليد" وهي:

اولا: عدم وجود شركات انتاج اعلاني محترفة منافسة ، وان ومعظم الدعايات الاعلانية في فلسطين بدائية وتخلو من الموسيقى التصويرية وربما ان نصّها رديء ويخلو من القيمة الادبية او الفنية ، بل وتضرب الذوق العام ، كما انها ليست ذكية ولا مخاتلة وتخاطب المشاهد بشكل مباشر وفجّ مقارنة مع الاعلانات السورية او المصرية مثلاً.

ثانيا: معظم الدعايات التي يجري نشرها او اذاعتها او بثها تخاطب المرأة والطفل وهو اسلوب ( قديم) عفا عليه الزمن، فالرجل اليوم لم يعد فارسا يحمل سيفا ويذهب للغزوات والحروب ولا وقت لديه للذهاب الى السوق ليشتري ، بل على العكس ويمكن ان تشاهد في غزة ورام الله وكل المدن الفلسطينية كيف يقوم الرجل ورب الاسرة بعملية التسوق بنفسه.

وبالأرقام فان 48% من الاسر قالت ان رب المنزل هو من يقرر البرامج التلفزيونية التي تشاهدها الاسرة، ثم يلي ذلك النساء 20% ثم الاولاد 17% ثم البنات والاطفال 8%، اذن هناك فهم مقلوب عند اصحاب النص الاعلاني وعليهم ان يرتقوا بخطابهم الاعلاني نصّاً وروحاً.

ثالثا : كل سوق اعلاني يختلف عن الاخر ، وبينما سوق السعودية يعتمد على تسويق الطعام والارز وملابس الرأس، ترى ان السوق المصري يعتمد على ترويج الاتصالات والسياحة ، والسوق الاردني على تسويق المنازل والاراضي، اما الفلسطيني فلا يزال غير معروف الهوية!! والسبب ان اصحاب دار الاعلان اقل قوة من صياغة السوق الفلسطيني وبدلا من ان يسحبوا السوق الى اعلان محدد ترى السوق يسحبهم.

رابعا : الجمهور والسوق في فلسطين بحاجة ماسّة الى اعلانات توضيحية حول الامور التالية (التعليم العالي - العمل- السيارات المستخدمة- السفر- السياحة الداخلية- البضائع المستوردة- الصحة- الرياضة- الموديلات- العطور- صناديق التوفير- القروض للموظفين - وغيرها). ومع ذلك لانجد سوى اعلانات السيارات الجديدة والبنوك الكبيرة والاتصالات.

*سوق الاعلان في فلسطين يقّدر بنحو 2 مليون دولار فقط، تملك شركة الاتصالات الفلسطينية نصفها!!. و لا يزال الاعلان عند الشركات الكبيرة مجرد فانتازيا دعائية وعند الشركات الصغيرة والمتوسطة( عبء ثقيل)، وهذا يؤكد ان ملكية الشركات العائلية او الكارتيل تمنعان عن الاعلان حقَه في التنفّس والازدهار.

* فالاعلان بالنسبة للشركات الاحتكارية ( كارتيل) مجرد نكاية بشركة اخرى منافسة، وبالنسبة للشركات العائلية فهو باب جديد للوجاهة والطاؤوسية، فترى صورة صاحب الشركة او أسمه اهم من مضمون الاعلان وطبيعة البضاعة او الخدمة التي يجري الترويج لها.

ملحوظة : البعض يعتقد ان الاعلام هو الخبر السياسي ، لكن الحقيقة ان نشرات الاخبار في القنوات التلفزيونية الاعتيادية لا تأخذ اكثر من ساعتين فيما الاغاني تصل الى معدل 6 ساعات يوميا والمسلسلات الى 6 ساعات والافلام الى 4 ساعات اما الاعلانات والدعايات فتصل مساحتها الى 4 ساعات اي ضعف مساحة نشرات الاخبار .فالاعلان والترفيه والتسلية جزء اساسي من مكونات الاعلام الناجح ....