السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل يكون ابو مازن رئيسا للوزراء حتى استقرار حكومة الوحدة ؟

نشر بتاريخ: 07/05/2011 ( آخر تحديث: 07/05/2011 الساعة: 17:12 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - في تاريخ الصراع السياسي ، تصل الخلافات الى اكثر مما يتوقعه الناس ، فقد وقعت اشتباكات مسلحة بين الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية نهاية الستينيات حين خرجت الاخيرة من تحت عباءة الاولى ، وتقاتلت القوى اللبنانية حتى الموت في شوارع بيروت منتصف السبعينيات ، ومن زار بيروت يرى لغاية الان اثار الرصاص على جدران الجيران الذين قام الواحد فيهم لذبح جارة واخاه دون ان يرمش له عين ، وتقاتل الفلسطينيون مع اشقاء الروح في الاردن وفي احراش جرش ، وفي فتح خرج ابو موسى وابو صالح وخالد العملة عام 1983 وتحالفوا مع سوريا وتقاتل الفتحاويون بالمدافع في نهر البارد والبقاع ، وبعدها ماتوا حسرة تحت الاقامة الجبرية في دمشق ، وسوريا الحليفة الصديقة انقلبت على الثورة الفلسطينية وحاصرت مخيم تل الزعتر عام 1976 حتى اضطر الاهالي ان يأكلوا لحم الكلاب والقطط ، وفي مصر تقاتل تلاميذ ثورة يناير ودخلوا في صراع مرير على السلطة وقام السادات بزج رفاقه في السجن ، وفي 1978 بالعراق لم يتوان صدام حسين عن اعدام رفاق دربه واصدقاءه خلال اجتماع عام لحزب البعث في بغداد ، وفي الشام قام حزب البعث بفرض الاقامة الجبرية على مؤسس الحزب ميشيل عفلق حتى مات كمدا ، وفي اليمن عام 1986 تقاتل عبد الفتاح اسماعيل مع علي ناصر محمد في اواخر الثمانينيات فضربت القبائل بعضها بمضادات الطيران ، وفي السودان قام النميري باعدام محجوب محجوب ورفاقه لمجرد انهم خالفوه في الرأي السياسي .... الخ .

وحتى اسرائيل التي كانت تبحث عن كل طريقة لاغتيال عرفات ، سرعان ما صارت تحرس موكبه حين يمرّ من القدس او يذهب لتل ابيب ، وصارت السلطة تستقبل قادة جيش الاحتلال في مدننا ، وحتى امريكا صارت تستقبل نلسون مانديلا كرئيس دولة بعدما كانت تصوّت ضده وضد شعبه في كل قرارات مجلس الامن ، والعبرة هنا ، ان العدو ينقلب الى حليف والحليف ينقلب الى عدو في السياسة . ولا يحضرني هنا سوى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحبب حبيبك هونا ما ، عسى ان يكون بغضيك يوما ما ، وابغض بغيضك هونا ما ، عسى ان يكون حبيبك يوما ما ) . فالاتزان في الفكر والمواقف مفتاح النجاح ، اما التطرف في الشئ فهو مفتاح الفشل .

ولو كانت روسيا بنت جدارا بينها وبين المانيا بعدما مات اكثر من عشرين مليون روسي في حرب المانيا عليها ، لكان العداء متفشيا بين الروس والجيرمان حتى يومنا هذا ، ولو ان البولنديين جلسوا يفكرون في قيام ستالين باعدام 50 الف ضابط وجندي بولندي في غابة كاتين عام 1939 لما سامحوا الروس على ذلك حتى يومنا هذا ، ولو ان الانجليز بفكرون بما فعله الفرنسيون ضدهم في حروب بحر المانش لما استطاع اي انجليزي ان يقول لاي فرنسي " بونسوار " حتى انطفاء القمر .

الحياة قاسية والحروب حقيرة ومجرمة ، والغريب أن البشرية تصنع للقادة الذين يعطون قرار الحرب تماثيل من برونز .فيما يضعون اللائمة على من يصنع السلام ويتهمونه بالخيانة !!! عالم عجيب وغريب ، ومن قرأ كتاب " لمن تقرع الاجراس للكاتب الامريكي ارنستو همنحواي " كان يعرف ماذا فعلت اوروبا ببعضها خلال حرب اسبانيا ، ومن قرأ "البؤساء لفيكتور هيجو " عرف ما معنى الموت قهرا والاختناق ظلما ، ومن قرأ "ذهب مع الريح لـ مارغريت ميتشل، " لشاهد ويلات الحروب الاهلية بين الولايات الشمالية والجنوبية في امريكا ، ومن يقرأ تاريخ افريقيا جيدا لن يأت بباله ان يتناول طعام العشاء بعدها ، ومن يقرأ صراعات وخلافات السياسيين في ال 50 سنة الماضية في الوطن العربي بل حتى في بلاد الشام ، سيكفّ عن الانفعال ويفضّل الصمت على الكتابة .

حسنا ، حماس وفتح تقاتلتا ، وتناحرتا ، ولكن والحمد لله الف مرة ان هذه الصفحة قد انطوت ، وكما قال الرئيس ، اصبحت من الماضي . وكما قال مشعل ان ورقة الخلاف اصبحت تحت اقدامنا . ومن لا يريد ان يصدق فليعش في وهم الصراع حتى تأكل الريبة كبده وينخر دود الغلّ قلبه ، اما من يريد ان ينظر الى المستقبل ، فلبغسل قلبه بصابون المحبة ، وليصل لله ركعتي شكر وحمد ، وليخطو الى الامام بكل سؤدد .

نعم اختلفنا ، نعم تقاتلنا ، نعم مكرنا ، نعم تناحرنا ، ولكن ها قد اعلنا التوبة ، اخطأنا ونكفر عن ذنوبنا ، واقسمنا اننا لن نخون بعضنا مرة اخرى ، والان امامنا تحديات كبيرة ، ومعارك سياسية لا يعلم الا الله ما ستؤول اليه .

وعن مصادر اوروبية في العاصمة الاردنية في عمّان ، ان هناك بعض الجهات الاوروبية تقترح ان يكون ابو مازن هو نفسه الرئيس وهو رئيس الوزراء القادم ، وهكذا لا تملك اسرائيل ولا الغرب حجة لمحاصرة الحكومة ، وتحتفظ حركة حماس بكرامتها الادارية وموقفها السياسي ، وتحتفظ الفصائل الاخرى وبينها فتح بخط سياسي للرجعة بدلا من الوقوع في شرك المفاوضات مع اسرائيل مرة اخرى !

من ناحيتنا كفلسطينيين ، لا يجب ان نكترث اذا يكون رئيس الوزراء من حماس او فتح او مستقل ، وعلى الفتحاويين الذين قبلوا المستقل سلام فياض رئيسا للوزراء ان يعتادوا العمل مع رئيس وزراء من حماس ، وعلى الحمساويين الذين قبلوا الانضباط للرئاسة ان يعتادوا العمل مع رئيس وزراء فتحاوي ، ولكن المهم الان ، ان نجتاز الازمة والهجمة الاسرائيلية بأقل خسائر ممكنة وان نجنّب الناس الطرق الوعرة والمليئة بالالغام .

انا شخصيا شعرت بالكبرياء حين سمعت رئيسنا يطوي صفحة الخلاف مع حماس في القاهرة ، وشعرت بالصدق وانا استمع لخالد مشعل وهو يبرّ بقسمه ويعلن موت الخلاف ، قد يكون البعض متضررا من الوحدة الوطنية وقد يكون له مبرراته ... لكن نظرة واحدة على القدس ستعيد اليه عقله وضميره .. وانا افاخر انني فلسطيني ولكنني دائما اغبط و احسد الشعب المصري على حبهم الكبير لمصر ، واتمنى ان نحب فلسطين مثلما يحبون مصر .