الجمعة: 10/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تظاهرات تل ابيب افشل وأغبى ثورة شعبية في الشرق الاوسط

نشر بتاريخ: 22/12/2011 ( آخر تحديث: 22/12/2011 الساعة: 09:53 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - يبدو ان يهود اسرائيل يعيشون تحت التنويم المغناطيسي للحكم العسكري للاحتلال ، وقد باءت بالفشل جميع الحركات اليسارية والثورية التي نشأت في اسرائيل ، وسرعان ما اصابها النكوص والارتداد لتفشل وليذهب قادتها للانخراط في صفوف الاحزاب اليمينية . وبدء من حركة الحزب الشيوعي الاسرائيلي راكاح في الخمسينيات ومرورا بحركة ماتسبين " الفهود السود " في بداية السبعينيات ووصولا الى ثورة الخيام في شهر حزيران من العام الجاري 2011 لم تتوج اية حركة بأي نجاح ملموس يؤدي الى اي تغيير في سدة الحكم .

ويبدو ان المجتمع اليهودي في اسرائيل قد سلّم نفسه طواعية لمؤسستي الاعلام والجيش ، وهما مؤسستان مخترقتان من جهة امن الاحتلال ، وسواء كان الاسرائيليون يرغبون في ان يكونوا مستسلمين او من دون رغبتهم فان النتيجة واحدة وهي ان اتجاه حركتهم الشعبية سوف تصطدم في النهاية بحركة اتجاه المؤسسة العسكرية للاحتلال وتصب في بئرها .

في حزيران عام 2011 خرج طلبة الجامعات الاسرائيلية بثورة زاحفة واعتصموا بالخيام في ساحات تل ابيب للاحتجاج على اسعار الشقق ، وكيف يصل سعر الشقة في تل ابيب الى 3 مليون احيانا - وهي سياسة متعمدة من حكومة اليمين الاسرائيلي لدفع الازواج الشابة للسكن في المستوطنات اليهودية المقامة على الاراضي الفلسطينية .

وفي منتصف شهر تموز 2011 توسعت دائرة الاحتجاجات والاعتصامات في المدن الاسرائيلية حيث نصبت الخيام في مدينة كريات شمونة شمال اسرائيل، وعادت لتنصب ايضا في مدينة القدس بالقرب من البلدة القديمة، في الوقت الذي استمرت الاحتجاجات في مدن تل ابيب وبئر السبع وكفار سابا والعديد من المدن الاخرى.

ثورة الخيام في تل ابيب فتحت شهية الصحافة المتثائبة في اسرائيل ، وظن التابعون للشؤون الاسرائيلية ان ما يحدث في تل ابيب يشبه ما حدث في ميدان التحرير ، وسارع نتانياهو مذعورا الى عقد مؤتمر صحفي ووعد باقامة لجان سكن وطنية ستعمل لمدة عام ونصف عام الى جانب لجان التنظيم والبناء اللوائية وستخول صلاحيات اختصار عملية التخطيط بهدف افساح المجال امام تنفيذ مشاريع البناء بسرعة أكبر واضافة 50 الف شقة سكنية جديدة الى عدد الشقق المطروحة للبيع في السوق.وقد وصل الامر حد حمل الاطباء اليوم احذية وصفقوا بها ردا على خطاب نتانياهو ، وشرعوا باضراب عن الطعام منذ 48 ساعة ووعدوا بمواصلته ، كما اعلن الجمهور رفضه واحتجاجه على المواصلات العامة وهدّدوا بمواصلة الثورة .

لكن ووسط ذروة الثورة اليهودية وقعت عملية ايلات فتوقفت الثورة والتظاهرات والخيام وانطفأت الثورة وكأنها لم تكن وانتصرت الحكومة التي يتزعمها نتانياهو بل وصل الامر حد استخف بالاطباء المضربين وقال لهم انه سيستجلب بدلا عنهم من الهند اذا لم ينضبطوا ويسكتوا . فسكتوا وفشلوا فشلا غبيا لم يسبق له مثيل في ثورات الشرق الاوسط .

سيفر بلوتسكر أكبر خبير اقتصادي في اسرائيل اعتبر حينها ان الوعودات التي نثرها نتانياهو امام طلبة الجامعات تحتاج الى 4 مليار من أجل تحويلها الى خطة للتنفيذ . وتساءل هل يملك نتانياهو وحكومته 4 مليار اتنفيذ الوعود ام انه مجرد وعد لا يصدّق ؟

وبلوتسكر هو الذي كتب قبل سنوات في صحيفة يديعوت احرونوت ان اسرائيل قد تحوّلت الى دولة من دول العالم الثالث وتحمل 3 صفات ، كثرة الفقراء ، وكثرة العنف ، وكثرة انتشار السلاح في يد سكانها .

والغريب ان الكنيست الاسرائيلي اقرّ اليوم الاربعاء 21 ديسمبر زيادة نحو 800 مليون لميزانية الجيش ، اي ان ميزانية جيش الاحتلال ستصبح اكثر من 60 مليار !!!! اي ان المنتصر الاكبر في البداية وفي كل مواجهة هو الجيش ومؤسسات الاعلام في خدمتها ، كما اقر هذا الاسبوع تشكيل وحدة جديدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تدعى قيادة العمق وتتبع مباشرة لرئاسة الأركان وتتكون من مائة مقاتل يرأسها الجنرال شاي أبيطال الذي عمل سابقاً قائداً لوحدة قيادة الأركان، ومن أبرز مهام تلك الوحدة القيام بمهمات كوماندوز في الدول العربية المحيطة وتوجيه ضربات قوية في العمق الاستراتيجي للعدو ( في مسافات تزيد عن 100 كم من الحدود الإسرائيلية اي الأردن وسوريا ولبنان، ومحافظة شمال سيناء ) وإخراجه عن توازنه، بواسطة عملية متشعبة لقوات برية جوية وبحرية كبيرة نسبيا.

انتفض الاسرائيليون وارادوا تقليد الشعوب العربية لكنهم فاشلون في اية ثورة ،وسرعان ما انتصر الجيش وازدادت ميزانيته على حساب الوزارات الاخرى في الدولة العبرية ، وصدق من قال : العبيد لا يصنعون ثورة ... بل يصنعها الاحرار .