الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

التكنوقراط تبيح المحظورات

نشر بتاريخ: 02/02/2012 ( آخر تحديث: 05/02/2012 الساعة: 16:32 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - اذا لم تنجح المصالحة في تشكيل حكومة توافقية خلال الاسبوع القادم فان الانتخابات القادمة المزمعة في 6 يناير لم تتم في موعدها ، فالمرشحين بحاجة الى 3 اشهر من الدعاية والتحضير لاقناعنا واقناع انفسهم ببرامجهم الانتخابية .

واستنادا الى التجربة الفلسطينية الغنية في تشكيل الحكومات ، حكومات وطنية ، حكومات اسلامية ، حكومات علمانية ، حكومات فصائيلية ، حكومات تكنوقراط ... نقف عند التكنوقراط .وهو مصطلح دارج اعلاميا منذ عدة سنوات فقط .

وخلال المؤتمر السادس لحركة فتح في بيت لحم ، اعرب د.نبيل شعث عن غضبه الشديد تجاه حكومات التكنوقراط ، وقال " للاسف ان الدارج بين الناس ان حكومة تكنوقراط تعني انها تخلو من نشطاء التنظيم" ، واضاف خلال لقاء في استوديوهات معا " ان الغرب يقصد بحكومة تكنوقراط انها خالية من قادة ونشطاء فتح " .

ولا اعتقد ان حركة حماس تخالف شعث الرأي ، بل انها تشاركه الظنون وبنفس الطريقة ، ومعهما باقي الفصائل في اطار توجس فصائلي من ان حكومة تكنوقراط تعني ( وصفة غربية لتجاوز نتائج الانتخابات الشرعية والالتفاف حولها عن طريق تعيين اكاديميين ورجال اعمال ومغتربين وصيارفة ومستوردين وكومبرادور وناشطات في منظمات غير حكومية او مؤسسات اجنبية في سدة الحكم ) .

وبعيدا عن بعض الانتهازيين الثرثارين الذين فشلوا في الحياة التنظيمية والعسكرية وسقطوا من احزاب اليسار واليمين وراحوا يعيشون على قارعة الربيع العربي ويسعون للعب دور الواعظ لكل الناس والمنتقد لكل شئ ، فاصبحوا يعلنون للملأ انهم تكنوقراط وظنّوا انهم كفاءات نادرة مع ان الوصف الادق لهم انهم ( ليسوا منتظمين في فكر محدد ولا تنظيم محدد ولا اتجاه محدد ) .

و لا شك ان ادخال التكنوقراط في سدة الحكم يعتبر خطوة حضارية وضربا من ضروب المشاركة السياسية وتداولا للحكم . بحيث لا تبقى الحكومات حكرا على احزاب عربية نشأت في منتصف القرن الماضي او اسلامية متشددة ومستجدة في عالم المسؤوليات ، أو تيارات انبثقت عنها بعد الحرب العالمية الثانية وظلت تحكم الناس الى يومنا هذا ، ولكن تمليك التكنوقراط الحكم بشكل كامل واقصاء القيادات المنتخبة يعتبر سرقة للشرعية بشكل كامل واستهتارا بقرار الناخبين .

سياسيا ، يبدو ان رغبة امريكا في دعم التكنوقراط في تونس ومصر وفلسطين والاردن وسوريا ، هي رغبة مؤقتة ، فامريكا لم تظهر اي احترام في التعامل مع التكنوقراط العربي ، بل انها تتعامل معهم بمنطق الاسياد والعبيد تماما مثلما تعاملت مع الاحزاب القومية ، وتسعى للتعامل مع الاحزاب الاسلامية بنفس الطريقة .

ونحن ننظر الى التكنوقراط على انهم مكوّن اساسي من مكونات المجتمع العربي ، وكفاءات هامة من كفاءات المجتمع العربي يتكاملون مع الطاقات السياسية في بناء الوطن ، بينما ينظر الغرب اليهم على انهم بديلا سياسيا للاحزاب القومية والحركات الوطنية ويحاول استخدام طاقاتهم في عكس المصلحة العامة .

وعلى ابواب المصالحة والانتخابات القادمة ، وفي ظل الثورات العربية ومراقبة المثقف الفلسطيني للاحداث الاقليمية ، فاننا مدعوون الى اعادة صياغة العلاقة بين التيارات والاحزاب الفلسطينية من جهة وبين كفاءات التكنوقراط الاقتصادية والاجتماعية والتقنية ، علاقة يحكمها التكامل وليس التفاضل ، علاقة اسناد وليس ابعاد ، علاقة ابقاء وليس اقصاء ، علاقة اتحاد من اجل مواجهة الضغوطات الخارجية والابتزاز السياسي وليس علاقة ارتماء في احضان البنك الدولي والاحتكارات الامبريالية ضد الاحزاب القومية .

ان العلاقة بين الاحزاب القومية في فلسطين والتكنوقراط عمرها اكثر من 5 سنوات ، وقد نضجت واتّضحت ، ولم يبق الان سوى رعاية العلاقة الناشئة بين الاحزاب الاسلامية والتكنوقراط الفلسطيني ، وفي ذات الاطار ان تعرف الاحزاب الفلسطينية انها لم يعد بامكانها الغاء التكنوقراط الطامح لدخول عالم لسياسة بكل لهفة ودعم خارجي وداخلي ، كما ان التكنوقراط لا يمكن ان يبني دولة من احزاب سياسية ...... فلا رجال الاعمال ولا اساتذة الجامعات يمكن ان يصمدوا لوحدهم من دون الثوار في معركة حامية مع اسرائيل ، اما الثوار فانهم لن يتمكنوا من بناء دولة ووزارات راقية من دون تكنوقراط .... وكل حزب ولديه تكنوقراطه وكفاءاته المهنية ، وهناك خطوط حمراء في القضية الفلسطينية ممنوع تجاوزها ، فالتكنوقراط لا يبيح المحظورات .