الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل كان على ابو مازن ان يؤيد العمليات الاستشهادية ؟

نشر بتاريخ: 05/02/2012 ( آخر تحديث: 08/02/2012 الساعة: 21:48 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - صار فكر ليبرمان ينتصر وينتشر ، وصارت الثورة الفلسطينية تنحسر وتنكسر . وتشهد الساحة الاسرائيلية انعطافة غير مسبوقة في منهاجية التفكير ، ولاول مرة منذ مئة عام لا تكون القضية الفلسطينية في برامج الاحزاب الاسرائيلية التي ترشح نفسها للكنيست ، وباستثناء حركة ميرتس التي تقودها السيدة زهافا غالئون وهي امراة يسارية محترمة ومناضلة من اجل السلام فان جميع الاحزاب الاسرائيلية الصهيونية قررت " اهمال " الشعب الفلسطيني ونضالاته ، وازدراء كل نداءات العالم التي تدعو اسرائيل للكف عن الاحتلال والاستيطان .

وقد بدأ الامر من عند شارون عام 2004 في مؤتمر هيرتسيليا حين اتفقت احزاب وقوى اسرائيل على البحث عن حل فردي اسرائيلي للقضية الفلسطينية وانه لا يوجد شريك فلسطيني ، وتدحرج الامر حتى وصل الى نتانياهو وقرر مؤتمر هيرتسيليا عام 2009 الكف عن البحث عن حل للقضية الفلسطينية ، واعلن التلفزيون الاسرائيلي ذلك جهارا نهارا ، وصولا الى قرارات مؤتمر هيرتسيليا قبل ايام والذي لم يأت على ذكر القضية الفلسطينية بشئ وكان جل تركيزه الحديث عن ايران وحزب الله والعواصم العربية دون فلسطين باعتبار ان العرب لديهم مشاكل وان اسرائيل ليس لديها اية مشاكل – ابحثوا عن قرارات مؤتمر هيرتسيليا الاخيرة واقرأوها للمقارنة .

وفي التصور العام ان فكر الوسط في اسرائيل يندثر الان ، بعد ان اندثر تماما فكر اليسار منذ عشر سنوات ، ولم يبق في اسرائيل يمين محافظ ، لان اليمين المحافظ والكلاسيكي في اسرائيل وعلى رأسه حزب الليكود لا يملك اية حلول للقضية الفلسطينية ، كما انه لم يعد يملك اية تكتيكات تقنع الجمهور الاسرائيلي بان لديه حلول .

الجمهور الاسرائيلي الذي اصابه الصداع من ازمة المفاوضات ، يشعر الان ان اليسار الاسرائيلي كذب عليه حين قال له ان الفلسطينيين جاهزون للتنازل عن حق العودة في اتفاق بيلين عباس سابقا وبيلين عبد ربه لاحقا ، وان اليسار الاسرائيلي كاذب ويبيعه الوهم ، وان احزاب الوسط في اسرائيل تافهة باعته الفشل وان احزاب اليمين في اسرائيل كاذبة ولم تنتصر في الحروب وتحسم الامر عسكريا .

حتى جاء ليبرمان ، فتعامل معه الاعلام العربي على انه احمق ولا يملك أي فكر ومجرد يهودي روسي فاشي متطرف ومغرور ومهزوم ولا يستحق النقاش اساسا ، وتزامن الامر مع توقف العمليات التفجيرية منذ العام 2005 وحتى الان ، وفصلت اسرائيل البلاد بواسطة جدار الفصل الاسمنتي فصار الجمهور الاسرائيلي يميل الى افكار ليبرمان السهلة والمريحة ... وجل افكاره ان العرب والفلسطينيين مجرد ذبابة لا يجب ان نهتم لهم ويجب طردهم وترجيلهم عن غرب النهر .. فاعجب اليهود بهذا الحل السحري واعطوه 15 مقعدا ، فيما يتوقع ان يحصل على 25 مقعدا .في السنة القادمة .
والغريب ان ليبرمان وحزبه اسرائيل بيتنا لا يفكرون الفوز برئاسة الحكومة ، بل انهم مرتاحون لكونهم الحزب الاكثر تأثيرا ونفوذا وفكرا وليس الاكثر مسؤولية . وحتى عضوة الكنيست انستاسيا ميخائيلي التي سكبت كوب الماء على رأٍس النائب العربي غالب مجادلة تحقق الان المزيد من الاعجاب والشهرة في اوساط الناخبين اليهود الذين يقولون : فعلا هذا هو الحل المناسب مع العرب وليس المفاوضات .

ليبرمان قال في احدى اللقاءات الاذاعية : انا غير متعجل للحل مع القيادة الفلسطينية ، ويمكن ان ننتظر 20 عاما اخرى وبعدها سنفكر في الحديث معهم واذا لا يعجبهم هذا الكلام ليرحلوا ، او ليغضبوا فنحن لا يجب ان نكترث لغضبهم والى انفعالاتهم ومواقفهم . وعلى ما يبدو فان ما يقوله ليبرمان يحاكي ما يضمر به قادة اسرائيل الاخرين .

ما يهم اسرائيل الان هو الملف الايراني ، وهذا موضوع مختلف ، وما يهم اسرائيل الان هو تركيا ، ورغم ان ليبرمان يتعامل مع العرب على انهم ذبابة مزعجة ، الا ان تركيا تتعامل مع اسرائيل وكأنها مجرد ذبابة صغيرة ، وعلى حد وصف احد الصحافيين الاسرائيليين فان تركيا لا ترى اسرائيل سوى حشرة تافهة لا تستحق القتال اساسا ، " وان اسرائيل كانت تتعامل مع الفلسطينيين على انهم خطر حقيقي حين كانت العلميات الفلسطينية حديث كل بيت اسرائيل ، لكن وحين شجب الرئيس ابو مازن العمليات ومنع العنف وايقنت اسرائيل انه لا يؤمن بالعنف فانها زادت من ازدراء القيادة الفلسطينية لا سيما بعد ان اصبحت حماس مثل منظمة التحرير تماما لكن مع بعض الخجل فتمنع الصواريخ ولم تنفذ أي عمليات منذ سنوات " ... فارتاح جمهور اسرائيل لهذا الحال الراهن وشطبت الاحزاب من جميع برامجها ومخططاتها أي حل لمشكلة الاحتلال واي سعي لانجاح المفاوضات . اما على الصعيد العربي فقال وزير خارجية قطر قبل يومين لقناة بلومبرج : ان الثورات العربية ستؤول في النهاية الى علاقات طيبة وطبيعية بين اسرائيل وبين العرب وبين حماس واسرائيل وان الجميع يعترف باسرائيل الان وهذا هو الوقت المناسب لتطبيع العلاقات !!

وهذه المقالة ليست دعوة للعمليات التفجيرية وانما قراءة لما وصلت اليه العقلية الاسرائيلية الحزبية ، والى ما وصلت اليه العقلية الفلسطينية التي اصبحنا في ظلالها دعاة سلام اكثر من بين كي مون نفسه بل ان قادة فلسطين ييمكن ان يقدّموا محاضرات في جامعات العالم مادة الحل السلمي بامتياز ، فيما اتفق الاسرائيليون على ازدرائنا ونحن مستمرون في انتقاد بعضنا البعض وكيل الاتهامات والتخوين والتجريح .