الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفاشلون لا يقدرون على الحب ، بل على الغيرة

نشر بتاريخ: 25/02/2012 ( آخر تحديث: 01/03/2012 الساعة: 13:50 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - طالما يعجب العرب بكل شئ مميز ، أعجبنا لينين لانه حطّم الدوما وحكم القيصر رومانوف فصار عدد كبير منا شيوعيين ، واعجبنا هتلر في الحرب العالمية الثانية ومعه رومل ثم شتمناه في كل كتاب ، ثم اعجبنا تشترشل وديغول وستالين وجميع المنتصرين ، وفي الخمسينيات صرنا ناصريين ، وبعد الهزيمة اعجبتنا فلسفة سارتر في الستينيات فاصبحنا وجوديين ، ثم ضعنا في عبثية كولن ويلسون وقلّد شبابنا الهيبيز والشعر الطويل وركوب الدراجات .

وفي السبعينيات هفت قلوبنا على كتائب الفيتكونغ في فيتنام وقائدها لي ذوان ، ثم فيدل كاسترو في كوبا وجيفارا البوليفي واستوردنا كارلوس الفنزويلي يحارب مع في ثورتنا ، وكوزو اكوموتو الياباني لينفذ لنا عملية في تل ابيب ، ثم فجأة صارت امريكا هي البقرة المقدسة عند الحكام العرب واصبحنا نستشهد في كلامنا نقول ( قال نيسكون وقال روجرز ) ، وحين صمد عرفات في بيروت صار جميع العرب يتسابقون لالتقاط الصور معه واصبح الفدائي الفلسطيني هو نبي العصر .... حتى انطلقت انتفاضة الحجارة فانفجرت قريحة جميع الشعراء من محمود درويش وحتى الابنودي ونزار قباني ومظفر النواب يكتبون عن ( اطفال ابطال ) سيحررون الكون من الظلم المرير .

في التسعينيات صار حزب الله اسطورة وصارت خطابات حسن نصر الله اهم من كتابات ادوارد سعيد وعبد الله عروي والعفيف الاخضر وحليم بركات وهشام شرابي ، ولكن سرعان ما بزع نجم الصين فاصبح الجميع يريد السفر الى الصين ولا ضرر اذا مرّ الى هناك عن طريق تايلندا ليحظى ببعض المساج .

ثم ظهر في كتاباتنا مقالات عن نموذج كوريا وصار هناك قادة يدعون الى تبني النموذج التركي او الفنزويلي ، وصولا الى صعود حماس ، فصار مقاتلوا حماس وكتائب القسام اسطورة سرعان ما بدأت تخسر عند وقوع الاقتتال الداخلي ، فصرنا نتحدث عن نموذج ايران ونسينا اننا نحن انفسنا كنا نكتب القصائد لصدام حسين ونزور بغداد لنعيش اللحظة التي نلتقط فيها صورة لانفسنا في شارع ابو النواس او فندق هارون الرشيد .

كتبنا القصائد في بوعزيزي وثورة الياسمين ثم سهرنا الليالي عشقا بميدان التحرير وسرعان ما اصبحنا نكتب ضد الفوضى في مصر والفلتان الامني وعته المتظاهرين ... نؤيد ثورة سوريا ونطالب بتدخل دولي وفي نفس الوقت نصرخ لا للتدخل الاجنبي .

والحال هذا ، وطالما ان حكامنا يموتون شنقا او قتلا او ذبحا او هروبا ، وشعوبنا تنتحب كثيرا ، وتنتخب كثيرا هذه الايام ، تنتخب وهي تنتحب او تنتحب وهي تنتخب ، لا يبدو اننا بحاجة الى نموذج مثل دولة ما ، وانما بحاجة الى البحث في داخلنا عن ذاتنا التي ضاعت ، وكما قال الشاعر الهندي طاغور " لا تبحث عن جنة في الافق بينما هي تحت نافذة بيتك " .

لسنا بحاجة الى طالبان في فلسطين ولا الى شيوعية مثل موسكو ولا الى راسمالية مثل وول ستريت او كارتيلات فرنسا او كيبوتسات اسرائيل ، نحن بحاجة ان نجد نفسنا التي ضاعت في سديم الخيال .

وصدق القول : لا تبحث عن الشئ الذي اضعته ، بل ابحث عن المكان الذي اضعته فيه .