الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاخوان لم يكتسحوا ولو ظل حزب مبارك لكانت فرصته بالفوز كبيرة

نشر بتاريخ: 25/05/2012 ( آخر تحديث: 31/05/2012 الساعة: 08:48 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - نستطيع القول ان زمن الاكتساح قد ولّى من انتخابات العالم ، فقد كان الفارق بين الرئيس الامريكي جورج بوش الصغير والمرشح الديموقراطي ال غور لا يتجاوز عدة صناديق ، وفاز المرشح الاسرائيلي عمير بيرتس بزعامة حزب العمل بفارق 130 صوت عربي في حين تتقارب النسب وتصل الى اقل من ذلك احيانا في انتخابات اسرائيل بين تسيفي ليفني ونتانياهو ورغم فوز ليفني لم تتمكن من تشكيل حكومة .

و تظهر الارقام التي ترشح من الفرز الاولى لانتخابات الرئاسة في مصر ان الاخوان المسلمين لم يحققوا اكتساحا تاما كما وقع في انتخابات البرلمان قبل اشهر ، بل ان ارتباكا يسود صفوفهم فترى البعض منهم يسارع للاتهام المسبق بان هذه الانتخابات مزورة حتى قبل ان تفرز الاصوات كما حصل على قناة العربية ، ومنهم من يذهب الى الاسراع باعلان فوز مرشح الاخوان محمد مرسي حتى قبل ان يجري فرز 10% من الاصوات !!

وفي هذا الاطار يشعر المراقبون بعدة مفاجئات ، فقد احرز المرشح احمد شفيق تقدّما غير مسبوق على حساب المرشح عمرو موسى الذي بدا نادما على ترك مقعد امين عام الجامعة العربية وترشحّه للرئاسة في مصر ، اما مرشح المثقفين حمدين صباحي فقد تقدم بشكل يفوق كل تصوّر على المرشح المنشق عن الاخوان المسلمين د. عبد المنعم ابو الفتوح .

احمد حسن الشرقاوي خبير الشؤون الحزبية في وكالة انباء الشرق الاوسط أوضح لاحدى الفضائيات : ان عدد الاعضاء المسجلين في حزب الاخوان المسلمين لم يتعد مليون و200 الف عضو فقط وان كل واحد منهم قد تعهد ان يحسم 5 من افراد اسرته ما سيجعل الاخوان يحققون 5 مليون صوت انتخابي . لكن هذا ايضا ولو تحقق فعلا لم يحسم الانتخابات التي شارك فيها نحو 30 مليون ناخب من اصل 51 مليون يحق لهم الانتخاب من اصل نحو 85 مليون مواطن مصري .

ولو دقّقنا في ما يقوله المختصون المصريون عن انتخابات الرئاسة سنجد انها مختلفة تماما عن انتخابات البرلمان ، ما يعني ان المواطن المصري ايضا قد تعرّض للاختلاف في غضون عدة اشهر من الوعي الانتخابي والتجربة .. يضاف الى ذلك عامل ان السلفيين لم يصبّوا بشكل كامل لصالح مرشح الاخوان رغم وعودهم بذلك .

اما احمد شفيق ، وسواء انكر ذلك ام لم ينكر فهو اقرب مرشح لمؤسسة الحكم في مصر ، ايّده العسكر والمجلس العسكري والشرطة والنظام الاداري ، ورغم ان عمرو موسى ينافسه بقوة ويغرف من اصواته بشكل مؤلم ، الا انه يتقدم ويتقدم ما يعني ان النظام الاداري المصري والعسكر لا يكلّون ولا يملّون في البحث عن مرشح نظامي هادئ قليل المغامرة وكثير التجربة نحو الاستقرار .

وقد كان الماركسيون على حق حين قالوا ان اية ثورة لن تحقق الانتصار من دون ان يكون لها حزب قوي ، وبما ان الثورة في مصر لم يكن لها حزب ... فالجماعة - اي جماعة - ممنوع ان ترشح نفسها للحكم لان اموالها وافكارها ومبادئها تكون غير معلنة . وحين صار الحزب الوطني الحاكم محظورا وتحوّل الى جماعة . وكانت جماعة الاخوان محظورة عاشت مصر فلتانا كبيرا ، وحين رفع الحظر عن جماعة الاخوان واسسوا حزبا مدنيا اكتسحوا في انتخابات البرلمان ، فالجماهير تحتاج الى حزب وليس الى قائد شخص فهلوي او محبوب ، حتى ان الحزب الوطني الحاكم الذي كان يقوده مبارك كان سيكون له فرصة بالفوز لو سمح له بالتنافس !!

المرشح حمدين صباحي مرشح جميل وثوري ومثقف لكنه غامض ، ولا احد يعرف الى اين سيقود مصر في حال تم فوزه بالرئاسة ، وان كان تقدّمه يثبت مرة اخرى فشل اجهزة المخابرات العربية والعالمية والاسرائيلية في تقدير الموقف في مصر رغم ان عيونهم تؤلمهم من كثرة التحديق بالمشهد .

والذي لا افهمه في انتخابات مصر ، هذا الميل الكبير عند الجمهور للبحث عن الاستقرار خشية من تحوّل الثورة الى ثورة مضادة وخشية من الفوضى والفلتان الامني ، بل ومن شدة الحاجة لحزب مستقر يمكننا القول ان الحزب الوطني الحاكم برئاسة مبارك كان سيحقق فوزا لولا انه محظور وممنوع من اي نشاط سياسي .

خلاصة القول ان الثورة ليست شيكا مفتوحا للثوار ليعملوا ما يشاءوا ومتى شاءوا وان الناس الذين يصطفون وراء قيادة محددة في وقت ما قد ينكصون عن ذلك لاحقا اذا لم يشعروا بالامن والامان والانتصار .

تأثير ذلك على الثورات العربية وعلى الفلسطينيين كبير ، وباستثناء تجربة تونس التي ظلّت جميلة ونظيفة حتى اخر لحظة . ومن الان فصاعدا لا احد يجرؤ ان يقول ان لديه استطلاع رأي وانه يعرف كيف ستكون نتيجة الانتخابات القادمة ، وبالنسبة لنا لا نعرف اذا كانت حماس ستفوز او فتح ونحن سنقبل بأي نتيجة .