الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الغاء اوسلو - انزلوا من السيارات واتركوا الوزارات واخلعوا البدلات

نشر بتاريخ: 22/09/2012 ( آخر تحديث: 25/09/2012 الساعة: 13:20 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - الوزير الاسرائيلي السابق ، السياسي اليساري الاسرائيلي د.يوسي بيلين دعا الرئيس محمود عباس لاعلان الغاء اتفاق اوسلو ، ومثله كثيرون يرون ان هذه الاتفاقية حطّت من مكانة الشعب الفلسطيني ، ولوّعت قلوبهم دون جدوى فيما الاحتلال يستغل الاتفاقية من اجل تكريس المزيد من التهويد والهيمنة .

وفي اسرائيل اكثر من فلسطين ، تتزايد التيارات المناهضة لاوسلو بدء من المستوطنين ووصولا الى الصحافيين الذين كانوا يوما ما يرقصون لاوسلو ويقفون على باب عرفات يتمنون اجراء مقابلة مع العدو الذي اصبح شريكا للسلام . ولا يقف الامر هنا ، بل يصل الى اتفاقية كامب ديفيد مع مصر واتفاقية وادي عربة مع الاردن .

يمكن القول ان هذه الافكار احدى ثمار الربيع العربي ، ويمكن القول انها مجرد ردة فعل تدلّ على العجز والفشل عند القادة ، والتردد عند الجمهور ، لكنها تبقى في اطار الاتجاه الحقيقي للمستقبل ، فالجمهور الاسرائيلي نادم على معاهدات السلام الثلاثة ، والعرب نادمون ايضا . لكنه ندم لم يسفر عن تغيير جذري في المفاهيم وانما عن تطوّر في الوعي فقط .

ولو تعاملنا مع معاهدة اوسلو بنفس ميزان اتفاقية فرساي الشهيرة بعد الحرب العالمية الاولى والتي أذلت الشعب الالماني وقهرت الوطنيين هناك حين اجبرتهم اوروبا على التنازل عن ثلث مساحة المانيا ونهبت خيراتها وصادرت حقوقها ، فان النتيجة ستكون مرعبة للقوى الظالمة . لان اتفاقية فرساي ساهمت في انتصار الحزب الاشتراكي المسيحي بزعامة ادولف هتلر ، والذي انتقم من اوروبا واحتل العالم واحرق عواصم الذين قهروا المانيا .

اوسلو قهرتنا ، قهرت الشعوب العربية وأذلت الرموز الوطنية في فلسطين وجعلتنا " مسخرة " للصعاليك الذين يتطاولون على هامات قياداتنا ، وجعلت الفاشلين والجبناء يهزأون بنا وبثورتنا ، اوسلو قهرت المثقفين والفنانين والرسامين والتلاميذ واولاد المدارس الابتدائية الذين يقفون امام جدار بارتفاع 50 قدم عند بوابات مدارسهم ، اوسلو جعلت جنديا من حرس الحدود يصفع بروفيسور جامعي فلسطيني على حاجز وادي النار ، اوسلو منعت اهل القدس من الصلاة في القدس وجعلت مرضى السرطان يبكون على الحواجز قبل الحصول على وجبة علاج كيميائي ، اوسلو جعلت العروس تبكي وهي على الضفة الشرقية ولا تستطيع الوصول الى بيت زوجها في الضفة الغربية ، اوسلو جعلت جنودنا وضباطنا يختبئون ويخبئون سلاحهم وملابس الشرطة حين تدخل دورية عسكرية لاجتياح مدننا ، واوسلو جوّعت اهل غزة وقهرت شبابها وضيّعت اعمارهم وهم ينظرون الى العالم عبر شاشة تلفزيون وممنوعون من السفر .

ويطالب بعض القادة بالغاء اوسلو او تعديلها ، ولكن التاريخ لا يسير هكذا ، والاحداث التاريخية لا تعطي موعدا لوقوعها ، ولا تطلب من المثقفين رأيهم حين تجري على الارض ، وليس في التاريخ سوى البديل الاقوى والاكثر حضورا واقناعا . والبديل عن اوسلو هو السلفية الجهادية فقط ، كما ان البديل عن الامم المتحدة سيكون فكر القاعدة .

وان سقطت اوسلو ... لا يجوز ان يبقى لدينا وزارء في سيارات حكومية وحرس وبودي جارد ونلغي اوسلو !!! لا يجوز ان تبقى حكومة في غزة ورئيس حكومة وجوازات سفر دوبلوماسية ونلغي اوسلو !!!! لا يجوز ان يبقى لنا سلطة وسفراء ووزير خارجية وانتخابات ونلغي اوسلو .... فالغاء اوسلو يعني تحطيم كل ادواتها والعودة الى الجبال وحياة العصيان المدني والثورة بكل معنى الكلمة .

الغاء اوسلو ليس خيارا مخمليا يؤخذ في صالونات المثقفين في رام الله ، ولا كلمات تخرج من فم متحدث رسمي من غزة . وانما بديل بركاني تفجيري يحرق الاخضر واليابس ويحطم اصنام المرحلة السابقة ويقودنا الى مواجهة حربية بكل معنى الكلمة .... قد ننتصر فيها ، وقد لا ننتصر .

فهل التنظيمات الفلسطينية ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات الاهلية جاهزون لالغاء اوسلو ؟؟ ام انها مجرد حالة غنج ثقافي وحركة اصلاحية بسيطة لتعديل بعض الاعوجاج في سكة اوسلو ذاتها ؟

اسرائيل كاذبة ولا تريد الغاء اوسلو وتهددنا بالغاء اوسلو ، وهناك من يتحداها ان تفعل ذلك ، اذا كانت تجرؤ . ومثلها اتفاقية وادي عربة مع الاردن وكامب ديفيد مع مصر !!! مع الاشارة ان مصير اوسلو هو نفس مصير معاهدة فرساي والله من وراء القصد .