الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

واللي مش عاجبوا يشرب من البحر الميت

نشر بتاريخ: 30/11/2012 ( آخر تحديث: 03/12/2012 الساعة: 14:14 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - نجح الفلسطينيون في تكريس صورة جديدة من صور الحرية والاباء رغم كل ما فعله الاحتلال الاسرائيلي ضدهم ، وعلت اصوات المتظاهرين في المدن الفلسطينية على صوت الفيتو الامريكي ، واثبتوا انهم شعب مقاتل من اجل حريته ولا يمكن تجاهله ، فالفلسطيني يولد وهو مستعد وجاهز لاحدى الحسنيين ، اما الموت او الانتصار . ولا تزال الدماء العرفاتية تسري في عروقهم ، ينشدون النصر . لا يكلّون ولا يملّون من المحاولة . وان ضاقت بهم السبل واغلقت في وجوههم الانفاق وثبوا للتحدي وحزموا امرهم على قلب رجل واحد يقولون : القدس لنا ، والبيت لنا ، وسنرفع علم فلسطين فوق ماّذن القدس وكنائس القدس واللي مش عاجبوا يشرب من البحر الميت . وهي عبارة عرفات الشهيرة التي كانت تستفز الاعداء وتقهر المستسلمين واليائسين ، وترفع هامات البؤساء المعذبين .

ان من شاهد وجه السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة عقب التصويت في الامم المتحدة كان سيلمس بكل وجدانه ان عصر الاحتلال انتهى ، ومن شاهد وجه ممثلة امريكا في الامم المتحدة كان يدرك ان محور الاحتلال الاسرامريكي قد تخلخل وترنح ايلا للسقوط . كما ان اسرائيل لم تعد تصلح ان تكون الشرطي الامريكي في المنطقة لانها صارت بحاجة الى شرطي لحمايتها هي نفسها ، ورأينا كيف هرعت هيلاري كلينتون الى القاهرة ترجو الرئيس مرسي ان يعقد اتفاقا يضمن من خلاله امن اسرائيل . وصولا الى ان امريكا هي الان التي تلعب دور الشرطي لحماية مصالح اسرائيل وليس ان اسرائيل هي الشرطي التي تحمي مصالح امريكا . وهي صفقة خاسرة بالمفهوم التاريخي والسياسي وسرعان من تتفكك وتسقط .

وفي الليلة التي سبقت التصويت التقى الرئيس ابو مازن على حدة ، بالوفد السياسي والدبلوماسي ، ومن ثم بالوفد الاعلامي وطلب رأيهم بالوضع وهو امر مشرّف يظهر ان القيادة الفلسطينية تتجه نحو القرارات الجماعية واحترام الرأي العام ، وتابع الرئيس مع قيس ابو ليلى من الجبهة الديموقراطية وحنا عميرة من حزب الشعب ومحمد اشتية وعبر الهاتف شخصيات مستقلة واخرى من التيارات الاسلامية في فلسطين كل شاردة وورادة واخر التطورات والتظاهرات في المدن الفلسطينية ليصبح الخطاب على شكله الذي تم خطاب الناس ، وخطاب الجماهير الفلسطينية الراغبة في الانعتاق من نير الاحتلال مرة والى الابد .

وزير خارجية اندونيسا لبّى دعوة فلسطين وظلّ مع القيادة في نيويورك حتى اخر لحظة ، اما وزير خارجية تركيا السيد داوود اوغلو فقال للرئيس : ابو مازن انت لست وحدك هنا فنحن معك حتى النهاية ، وكان صديقا وفيا لفلسطين الحبيبة وللقدس الشريف . وحتى اخر دقيقة راهن الامريكان على كسر ارداة الرئيس وثنيه عن طلب التصويت وسط وعود هلامية لا يقبلها اي شريف .

شرطة الامم المتحدة انتشرت وسط القاعة وجرى تحذيرنا من رفع الاعلام او اية اشارات تدل على التفاعل مع الخطاب ، ورغم ذلك صفق الجميع مطولا لفلسطين ، ولم يصفق سوى نحو عشرة اشخاص فقط لاسرائيل . كما لم يشارك في التظاهرة التي دعت اليها اسرائيل سوى 3 اشخاص فقط وقفوا في شوارع نيويورك . فانتصرت فلسطين وعلت اصوات الشكر والعرفان .

وماذا بعد ؟
لا احد يعرف ، لا الرئيس يعرف ولا الزعماء والقادة يعرفون ولا رجال الدبلوماسية ، وكما قال وزير خارجيتنا رياض المالكي ( ان هذه حالة غير مسبوقة في الامم المتحدة ، وفلسطين اول دولة تصبح دولة غير عضو ) ، ولذلك سنتشاور مع اصدقاء فلسطين قبل القيام بالخطوة القادمة . فالفاتيكان دولة غير عضو لكنها لا تطالب باية امتيازات لانها ليست دولة اما فلسطين وشعبها تحت الاحتلال فستطلب كل شئ يحتاجه شعبنا .

امر واحد واضح وهو : بدأت الساعة الرملية للاحتلال ، وتبزغ شمس الحرية على القدس وضواحيها ، ومن رفح ودير البلح وخانيونس وجباليا وغزة وبيت حانون وصبرا والشيخ رضوان والشيخ عجلين وغزة ، ومن جنين وطولكرم وقلقيلية وسلفيت وطوباس وعنبتا ودورا ويطا وبيت صفافا وسلوان والعيسوية وكل المدن سنشرب من نهر الحرية حتى نرتوي ، او نواصل مقارعة الاحتلال حتى تحزن السماء وينطفئ القمر ... وان الله لا يخلف وعده .