السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الطبيعة سيدة نفسها - والثلج قاهر الجيوش

نشر بتاريخ: 10/01/2013 ( آخر تحديث: 13/01/2013 الساعة: 12:29 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - عبر التاريخ الانساني ، ثار جدل محتدم ومتواصل بشأن علاقة الانسان بالطبيعة سلبا وايجابا . حد وصل الامر عبادة الناس للشمس والجبل والنار والماء امعانا في الطاعة والاستسلام من جانب القبائل البشرية امام سطوة الطبيعة ، لكن ومنذ القرون الوسطى حسمت الاديان السماوية الثلاث موقفها من الامر وان الطبيعة مخلوقات مسيّرة من الالهة وبالتالي ان الطبيعة وظاهرها مثل الامطار والفيضانات والجفاف وباطنها من معادن وبراكين وزلازل انما هي سوط بيد الاله لتقريع التائهين اذا ضلّوا ، فالرب هو الذي يزجر البحار ويحشر الوحوش وينفخ في الارض ويبعث القبور . واستمر الامر حتى الان باعتبار ان الانسان مجرد مخلوق تافه امام الطبيعة وجبروتها .

ومع نشوء الفكر الماركسي ، لم يجرؤ ماركس في ثمانينيات القرن التاسع عشر على التطاول على الطبيعة وسار في ركب الاديان ومثله انجلز حتى جاء لينين في بداية القرن العشرين واغترّ بقوة الجماعات البشرية والاحزاب والشعوب ملمحا الى امكانية سيطرة الناس على الطبيعة ، ولكن استاذه ومعلمه بليخانوف حذّره من الامر ، وكانت النتيجة فصل بليخانوف من الحزب الشيوعي عام 1905 وخصوصا بعد كتابته المؤلف الشهير دور الفرد في التاريخ ، ولينين كان يرفض دور الفرد ويقول ان الدور يجب ان يكون للجماعة فقط باعتبار ان الفرد مجرد انعكاس للجماعة . حتى اثبت له سنوات السجن في سيبيريا عكس ذلك .

ومع تعاظم القوة الرأسمالية لا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتطور العلوم والتكنولوجيا لاحظنا ان الرأسماليين وقعوا في نفس الخطأ ، بل ان الشعوب ايام الجاهلية كانت انضج من الحضارة الغربية الراهنة ، فالاولون القدماء عبدوا الطبيعة من شدة خوفهم ، اما الامبرياليون فقد كفروا بالطبيعة وباريها من شدة غرورهم بأنفسهم . حد وصل الامر للقول ان اسرائيل تستطيع اسقاط المطر في عيد الغفران وامريكا تأمر السماء بأمر البنتغاون . لكن ومع اول حريق في الكرمل سارعت الدولة العبرية لتقبيل ارجل دول العالم مساعدتها اطفاء الحريق ، وفي العاصفة الثلجية الاخيرة بدت اسرائيل كدولة من دول العالم الثالث فغرق 2000 منزل وقطعت الكهرباء عنها مقارنة مع فلسطين النامية التي لم تقطع الكهرباء عنها .

وقد كتب علماء الحضارة الغربية قبل عشر سنوات عن الانحباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الارض بل ان مرشح الرئاسة الامريكية ال غور فتح مركزا كونيا للامر ونجح الاعلام الغربي في اقناعنا ان القطب سوف يذوب وتغرق دول وتتبدل وجه الارض ، الا ان الطبيعة سيدة نفسها فقد عاشت دول العالم منذ سنوات اسوأ صقيع منذ مئة عام وغطت الثلوج دول اوروبا وامريكا ودخل البحر غاضبا وعنيفا على اليابان واستراليا وامريكا فجعلهم كالعصف المأكول . وارتعب الراصدون الجويون من تسونامي حيث ترتفع الامواج الى عشرة امتار وتدخل الى 20 كم في اليابسة . وقد زرت منطقة التسونامي في اليابان ووجدت ان البحر اكل كتف اليابسة وابتلع البشر والحجر والبقر ولم يبق ولم يذر .

ومنذ عام فقط تواضع علماء الغرب وكفّوا عن اصدار اوامر للطبيعة ، وبدأوا يعرفون ان بركان ايسلندا قد اوقف جميع رحلات الطيران في العالم ، وان تسونامي امريكا الوسطى ادخل الرعب في قلوب الساحليين ، واعصار ساندي جمّد الدم في عروق اوباما ، وان اليابان بعظمتها وروسيا بجبروتها لا تجرؤ على تحدي الطبيعة .

والنتيجة ان الطبيعة لا تفرق بين دول نامية واخرى امبريالية ، وان الوعي البيئي واحترام الطبيعة عامل ثقافي يجب ان يسبق الوعي السياسي ، وان الله سخر لنا الارض وما عليها من اجل ان نتعاون ونعيش باحترام ونحافظ على كرامة الانسان . وان الثلوج اقوى من العلوج . وان دروس التاريخ من سد مأرب واهرامات الفراعنة وفيافي الهند نمور التاميل وامازون البرازيل وصحراء العرب وجبال اليمن وقراصنة هولندا الجبارين وان بحر عكا هزم نابليون وثلج روسيا هزم هتلر وغابات افريقيا هزمت بريطانيا العظمى .

وان زهرة حنون في فلسطين ستسقط الجدار .