الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صالح اهم من لبيد

نشر بتاريخ: 25/01/2013 ( آخر تحديث: 28/01/2013 الساعة: 15:15 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - منذ شهر قتلت اسرائيل ستة فلسطينيين ، وتشتكي من انتفاضة ثالثة . والشهداء هم مدنيون وفلاحون واطفال ونساء دفعوا حياتهم ثمنا لسياسة الاصبع الخفيفة على الزناد ، جندي يسير بجانب قطاع غزة يقتل فلاحا اراد ان يزرع ارضه او قناص فجرّ دماغ الطفل صالح العمارين برصاصة دمدم في بيت لحم او ضابط منفلت في العروب قتل فتاة من بيت لحم راحت تزور اختها . والاغرب ان اسرائيل تحذّر من انتفاضة ثالثة وتنشر على موقع الجيش الاسرائيلي ان هناك ارتفاع في عمليات المقاومة قياسا مع العام 2011 ، ففي العام 2011 رمى الاطفال في الضفة الغربية سيارات المستوطنين بالحجارة 191 مرة !!!!!!!! وكأنهم نسوا ان اطفال فلسطين كانوا يرمون الاحتلال بالحجارة 1900 مرة باليوم الواحد .

وتواصل اسرائيل الشكوى وتحميل القيادة الفلسطينية تارة وحماس تارة اخرى المسؤولية ، وان الامن الفلسطيني يتقاعس في وقف " العمليات " في حين ان نتانياهو بقي في الحكم هو وزبانيته لان الفلسطينيين قرروا اساسا عدم انتهاج العنف كطريق مقاومة ودعوا الى المقاومة الشعبية .

وانشغل العرب والعجم في انتخابات اسرائيل . ومن شدة الفرحة كدنا نعلّق صورة لبيد في مكاتبنا وكانه النبي المنتظر ،وبالمناسبة ان لبيد كلمة عبرية تعني باللغة العربية مشعل كما تعني كلمة نتانياهو مجازا عطالله وتعني كلمة كتساف بالعربية اللحام . ودرسنا كل شئ عن شخصية لبيد وصرنا نعلّق الامال الضائعة عليه ونسينا انه مجرد هاو في عالم السياسية ، ويكفي ان نذكر ما قال عنه زملاؤه في القناة الثانية ( انه لم يعاني في حياته ولم يشارك في اي اجتماع تنظيمي او سياسي مصيري بل انه كان يرى الوزراء من بعيد حين يجتمعون وانه لم يفاوض في حياته عن شئ حتى انه لم يفاوض حين اشترى سيارته ) .

صحافي اسرائيلي اخر كتب عنه ان نتانياهو سيجعله في بادئ الامر شديد الفخر بنفسه ويمنحه الظهور على شاشة التلفزيون كبطل ويستمع اليه وهو يتحدث في عالم السياسة لكنه سيجعله عن عمد يتلصص على بعض الوثائق الامنية الخطيرة وحينها سيصاب بالصدمة في عالم السياسة الحقيقي ويخرج ليقول للجمهور الاسرائيلي عبارات الاعجاب بنتانياهو !!!!!

اما صالح العمارين فهو طفل من مخيم العزة ، انهى اربعة عشر ربيعا من عمره ولم تر عيونه سوى جدار قبة راحيل وبرج القناص الاسرائيلي ، وفي خيمة عزاء صالح قال لي والده ان الاطباء ابلغوه ان دماغ الطفل قد مات ونزعوا عنه اجهزة الحياة وقاولا انه سيموت خلال دقائق ... لكنه صالح لم يمت وظل حيا ليومين ونصف من دون اجهزة ، وقال ابو صالح ان قلب صالح كان يتحرك حين يدخل عليه ويقول له صباح الخير يا صالح ، او كيف الحال يا ولدي .. واكمل والده الرواية وقال لي وانا امنع نفسي من البكاء : انه ابني الوحيد .

كنت جهّزت مقالة عن يائير لبيد ، ثم ادركت ان صالح هو بطلنا وليس يائير ، والشهيدة لبنى هي سيدتنا وليست زوجة لبيد ، فالمقالة يجب ان تكون عن صالح ، لان صالح هو املنا الوحيد الذي سيحقق لنا امالنا الضائعة ويعيد لنا كرامتنا وهيبتنا . وقبل ان نلتقي لبيد علينا ان نصافح عائلة صالح ونطلب منهم البركة والامنيات لنا بالخير . وما دام فينا صالح ، وما دمنا نغرق في الدموع والحزن في خيمة عزاء مخيم العزة كلما ظلّت بنا نخوة ، وكلما ظلّ فينا العزة .