الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لمن تقرع الأجراس

نشر بتاريخ: 04/08/2014 ( آخر تحديث: 10/08/2014 الساعة: 13:43 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

من روائع الادب العالمي قصة "لمن تقرع الأجراس" للكاتب الامريكي الشهير ارنستو همنغواي والتي تتحدث عما بعد الحرب، وتتحدث عن مستنقع الحرب الاهلية في اسبانيا والتي حصدت ارواح الكثير من الاوربيين والغربيين في لعبة دم لفحت وجوه الامة وحصدت أرواح ابناءها.

حين كتب همنغواي هذه الرواية كان العام 1948 وقد غرقت البشرية في حرب طاحنة احرقت الاخضر واليابس وأضاع العباد خالقهم وامتشقوا البارود الذي انتشر في ايدي الامم، ولا شك أن اختراع الرصاص والبارود وتكديسه في المخازن دفع الشعوب لتجربته بشكل اكبر من الحرب العالمية الاولى، فانطحن في هذه الحروب مئات الملايين من البشر بين قتيل وجريح وجيش من الارامل والايتام.

بطل القصة هو خبير متفجرات ذهب بقناعة كي يفجر الجسر في قرية تدور فيها المعارك، ويتسلل خلف خطوط العدو ويبدأ صراعا شديدا بين قناعته بمحاربة الدكتاتور فرانكو وبين حبه للحياة، وفي الرواية تفاصيل لا يمكن تلخيصها، فهي رواية يمكن قراءتها ولكن لا يجري شرحها. لان الابداع يكمن في تفاصيل خلجات بطل الرواية وفي ادق تفاصيل ذلك.

بعد هذه الرواية كتب ارنستو همنغواي رواية "ثم تشرق الشمس" ومن ثم "الشيخ والبحر" وصولا الى "وداعا للسلاح". وهي عناوين تمثل هندسة النفس البشرية بانتظام صارم وعنيف عى اهواء الروح العابثة وفنون صراع البقاء.

كنت استطيع ان اكتب اليوم مقالة أجمل عن انتصار المقاومة، وكنت سأحصد عدد لايكات أكثر، لكنني اّثرت ان اكتب عن انتصار الروح، انتصار الانسان، انتصار الحياة على الموت، وانتصار الشعوب على نفسها، انتصار الطفل على الجنرال، وانتصار الدمعة على السيف.

حين دخلت منزل همنغواي، وقد تحوّل الى متحف عرفت معنى الادب العالمي، وحين زار الرئيس الروسي واشنطن لاول مرة في بداية التسعينيات، واعلان الصلح مع امريكا وانتهاء الحرب الباردة، جاء مدراء البيت الابيض وسألوا رايسا غورباتشوف زوجة الرئيس الروسي ماذا تحب ان ترى في امريكا، هل ناطحات السحاب ام المصانع ام الجسور. أجابتهم انها ترغب في زيارة منزل الروائي الكبير ارنستو همنغواي. فشعر مدراء البيت الابيض بالصدمة، وشعروا بالاحراج من اطلاعها على الادب العالمي والثقافة الانسانية.

البندقية الفلسطينية لحظة عز، اكليل غار وشرف. لم يحملها الفلسطيني ليعتدي على احد، ولا من أجل محاربة اي دين، انها بندقية الدفاع عن النفس في وجه الظلم والهوان، لذلك استطيع القول ان البندقية الفلسطينية تمثل اليوم طهارة السلاح بكل معنى الكلمة. وعليها أن تواصل ذلك، وأن لا ترتفع بوجه أي أخ أو رفيق والا فقدت هيبتها وصارت مثلها مثل اية بندقية يحملها قاطع طريق أو مرتزقة.

نحن بحاجة إلى جيش الدفاع الفلسطيني، ولكننا نحتاج ايضا إلى الثقافة الانسانية والكبرياء الطاهرة، أن نكون بقسوة الصخر من اجل الدفاع عن طفل يبكي أو مواطن مظلوم، وفي نفس الوقت رقة الفراشة وومضة شمعدان ولون الزهر لضمان راحة الضمير.

سألني صديق: كل هذا الدمار والتهديم والشهداء والارامل وتقول إننا انتصرنا؟

قلت له: هل تعلم لمن تقرع الأجراس؟
قال: لا.
قلت: لك
إنها تقرع لك، إن الاجراس تقرع لك.


وكما في نهاية رواية همنغواي سيسأل بطل القصة رفيق سلاحه وهو ينازع الروح: ارجوك قل لي قبل أن تموت.. ما الموت؟
ويقول له : لا أعرف ولكنني استطيع ان اقول لك ما الحياة؟
الحياة: ظلم