الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

النكبة مستمرة

نشر بتاريخ: 14/05/2015 ( آخر تحديث: 14/05/2015 الساعة: 13:03 )

الكاتب: بهاء رحال

" إسرائيل " هكذا تسمي نفسها ، ويسميها البعض بالكيان والبعض الآخر يسميها الاحتلال بينما آخرون يرفضون حتى تسميتها فهي المستوطنة ويصرون على أنها لم تتعدى هذه التسمية ولن تستحق أكثر من هذه التسمية الأقرب الى الصواب ، فهي لا تزال تجمع سكانها من مختلف المرتزقة المهاجرين ولا تزال تعلن عن نفسها ككيان يخدم خرافة ادعائهم وأسطورة ارض الميعاد ولا تزال تنشر في البلاد العداء وأفكار التطرف والعنصرية ولا تزال تمارس سلوك الفاشية الذي تطور وأخذ أشكالاً جديدة في التشدد والتطرف والإرهاب وسرقة الارض وعمليات الطرد والتهجير ، لهذا فهي لم تخرج عن شكل المستوطنة ولم تتعدى صورة المستعمرة القائمة على انقاض شعب هُجِّر ورُحّلَ ولا زال يعُذَب في منافي اللجوء والشتات وفي مخيمات تشهد على أكبر نكبة عرفها التاريخ وأبشع جريمة وقعت بحق شعب أريد له الموت والغياب والنسيان .

وفي اختلاف التسميات فإن البعض أصبح يحاول ان يتعامل معها كأمر واقع يصعب تجاوزه وإنكاره أو التنكر له خاصة في زمان اختلاف مفاهيم الوطنية التي تأثرت بالواقعية المنبطحة والمناهج السطحية المتفككة في صور الحركة الوطنية وما آلت اليه من ضعف وتراجع وما أصابها من أمراض مزمنة كانت سبباً مباشرة في عزوف البعض عن هذه الحركات والتنظيمات وهذه الحزبية التي فقدت الكثير من الجماهير التي كانت تصطف حولها بسبب عوامل كثيرة لست هنا في معرض الكتابة عنها وربما في وقت قادم سأتعرض لها بمقالات أخرى ، ولكن للمناسبة المؤلمة التي تصادف هذه الأيام كان لا بد أن نُذّكر أن معظم الفصائل والتنظيمات انطلق بعد النكبة وليست قبلها وأنها جاءت لاستعادة الارض التي سلبت ونهبت وسرقت واحتلت ، وان ما يعرف الان بأراضي ال1967 لم تكن قد وقعت تحت الاحتلال بعد حين انطلقت الكثير من تلك الفصائل والتنظيمات التي كان هدفها تحرير ما احتل من أرض ، يافا ، حيفا ، الناصرة وعكا ، وكامل التراب الذي وقع تحت الاحتلال في العام 1948 وهذا ما كان قبل ان نصاب او تصاب تلك الاحزاب والفصائل بحمى الواقعية السياسية التي لا ندري الى أي هاوية سوف تحملنا في هذا الواقع الفلسطيني والعربي والإقليمي وحتى الدولي الذي يمارس ذات العقلية الاستعمارية ولكن بطرق ووسائل جديدة ومتجددة لضمان وجود الاحتلال وكيانه المفروض بقوة الهيمنة الاستعمارية واستمرار حالات الانقسام والتشرذم فينا.

ان النكبة ، احد أبشع الصور وأكثرها مرارة عبر التاريخ القديم والمعاصر حيث لم يذكر التاريخ مثل هذه البشاعة وهذه اللعنة التي حدثت والتي لم تقتصر على طرد اهل الارض وسكانها ولم تتوقف عند شكل الهجرة والتشريد والطرد بل تعدت ذلك بكثير من سرقة للتاريخ وتزويره وللتراث والعادات والتقاليد وحتى لأسماء الشوارع والحارات والعائلات ومصادرة هوية الأمكنة وثقافة البلاد وتطورها وصور الحضارة التي كانت وسادت فيها لقرون طويلة ، وهم بذلك يحاولون طمس الهوية العربية والفلسطينية وشطبها بكل الوسائل والطرق ولم تتوقف هذه الممارسات حتى يومنا هذا وهم في كل لحظة يجددون مسعاهم لتهويد الأمكنة ويسعون لتشويه التاريخ وتزويره بشتى الطرق ، وسط ضمور او تراخي فلسطيني وعربي في مواجهة هذا المحتل ومخططاته ، وان لهذا الضمور اسباب كثيرة تجعله يرتهن لهذا الواقع المنبطح والمنكسر ، لكنه سينجو من كل المحن وسيخرج لرد قادر على المواجهة مهما طال الزمن ، فالحق لا يسقط ولا يغيب ولا ينسى .