الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

التدخل الروسي في سوريا لا يقلق اسرائيل بل يهدد الاردن والسعودية

نشر بتاريخ: 13/09/2015 ( آخر تحديث: 13/09/2015 الساعة: 15:13 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

اذا كانت سوريا هي اّخر موانئ الجيش الاحمر في المياه الدافئة وشواطئ المتوسط ، فان الانباء عن تدخل روسي عسكري على الارض مع الجيش السوري خطوة لها ارتدادات على مستوى عالمي واقليمي وبشكل مباشر .

الجيش السوري عمل حتى الان على محاربة المعارضة العسكرية من خلال تقسيم سوريا الى مربعات ، فشهدنا معارك كبرى لكنها لا تحسم اية حرب ، من بابا عمرو وحتى القصير والغوطة واليرموك والحجر الاسود وادلب ، وبعد نحو خمس سنوات لا تزال المعارك ضارية على حدود الاردن وتركيا وفي القنيطرة وحتى جرود عرسال . وهي نظرية عسكرية لمواجهة حروب الاستنزاف حيث تأمر قيادة الجيوش الكبيرة بتقسيم الجيش الى ألوية وكتائب وتتخذ هي الاخرى وضعية الميليشيات وتعمل باسلحة متوسطة وخفيفة للاشتباك مع أفضلية الغطاء الجوي والامدادات والتغطية المدفعية .

الخبرات العسكرية للجيش الحر ظلّت في اطار الميليشيات وان حملت " بطولات قتالية " فردية او من وحدات خاصة ، اما جبهة النصرة وهي الاغنى والاكثر دعما من دول الخليج فلم تصمد في تفوقها على الجيش الحر لان داعش جاءت من العراق وحصدت جميع زرعها .

خبرة داعش العسكرية مستمدة من جيش البعث العراقي وتخطيط الجنرالات الكبار الذين يعرفون الارض والتشكلات العسكرية ، وكانت الولايات المتحدة " الغشيمة " استهانت بهم وطردتهم من الخدمة وحشرتهم في زاوية "اللعنة الابدية " فانقلبوا على حكومات العراق واستقطبوا الصحوات وسيطروا على الصحراء وزحفوا نحو المدن بقوة خارقة . ورغم ان تربيتهم " قومية " الا انهم لم يكتثروا لوسمهم بسمة التطرف الاسلامي والداعشية لانها في النهاية تخدمهم وتنتقم لهم من بلادهم وحكوماتهم .
الجيش السوري انتهز فرصة تشتت القوى المعارضة وتناحرها فشد الوثاق عليها في مناطق لا يفهمها معظم الخبراء العسكريون ، ولو عدنا الى الارشيف واستمعنا مرة اخرى لما قاله الخبراء العسكريون عن المعارك الدائرة في سوريا لاصابتنا الدهشة ، فما حدث في السنوات الاخيرة يختلف تماما ويتناقض مع ما قاله الخبراء لنا .

دخول حزب الله الى سوريا وفصائل فلسطينية مثل القيادة العامة والصاعقة وحرس الثورة الايراني والخبراء الروس يجعل الصورة أكثر تعقيدا ، ومن خلال متابعتي للشؤون الاسرائيلية لا أرى قلقا كبيرا في تل ابيب من دخول الجيش الروسي في معمعان القتال في سوريا ، بل على العكس تماما . اذ ان اسرائيل لن تمانع في استلام الجيش الروسي للحدود مع الجولان المحتل ، وروسيا لم تعلن ولا مرة في حياتها انها تريد ابادة اسرائيل او مهاجمتها ، كما ان الروس المهاجرين الى فلسطين لا يشعرون بعداء مع روسيا الام ولا يخططون لاية مواجهة معها وبينهم افيغدور ليبرمان وجميع المقاتلين في جيش الاحتلال وهم من اصل روسي .

الخطر الاكبر سيكون على الاردن ، اذ ان دحر المقاتلين المعارضين سيدفعهم للهروب من الموت الى الشرق اي الى الاردن ، وهو ما يفسر قيام نتانياهو باصدار امر للشروع ببناء جدار عند غور الاردن ، لان داعش وجبهة النصرة وسلفيي سيناء وغيرها من التنظيمات المسلحة ربما تفكر في مهاجمة اسرائيل ردا على عقوق امريكا معهم .
الاحتمال بهروب المقاتلين الى تركيا من الشمال الشرقي بعيد من الناحية العملية لان الجيش التركي والاكرد ( خصمان ضد بعضهما وهما خصم واحد ضد داعش ) لن يسمحوا بمرور امن للمسلحين الى داخل تركيا او الى اربيل .
الاحتمال الاكثر تعقيدا والاقرب الى العقل ، ان هؤلاء المقاتلين الدواعش سيتقهقرون الى العراق ومناطق نفوذ داعش بين الرافدين ، ومن هناك يدخلوا عبر الحدود الهشة بين العراق والحجاز ، ما يعني ان السعودية الاّمنة قد تورطت في حرب مع اليمن في خاصرتها الشمالية ، ومع داعش في خاصرتها الغربية .
في حال نشر الملك الاردني جيشه بقوة على الحدود السورية واستمر في اغلاق معبر طربيل والحدود الشمالية مع العراق ، ستكون السعودية هي الوجبة القادمة المفضلة للدواعش والسلفيين . وان كان الالاف منهم يحملون الجنسية السعودية اصلا .