الأحد: 05/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا حماية المستهلك الفلسطيني ما زال مجرد شعارات ؟

نشر بتاريخ: 18/12/2015 ( آخر تحديث: 18/12/2015 الساعة: 09:53 )

الكاتب: عقل أبو قرع

رغم التطور المتواصل في الخطاب الاعلامي الفلسطيني، الرسمي وغير الرسمي، الذي يصب في منوال حماية المستهلك، الا ان الترجمة الحقيقية لهذا الخطاب، او لهذا التوجة، لم تتم بعد على ارض الواقع، من خلال تحقيق نتائج تصب في مصلحة المستهلك الفلسطيني، سواء فيما يتعلق بالاسعار او بالمنتج او بالمعاملة او بالعلاقة مع المستهلك، او حتى في بناء نوع من الثقة او التواصل الحقيقي الايجابي، الذي يتصف بنوع من الاستدامة مع المستهلك الفلسطيني؟

ورغم الكثير من الاجتماعات ومن الندوات ومن الحملات والبيانات، وحتى تخصيص يوم محدد في العام للمستهلك الفلسطيني، الا ان اوضاع هذا المستهلك ما زالت قاتمة، وما زالت الجهات العديدة، سواء اكانت من التجار او من شركات خدمات او حتى من جهات رسمية، لا تبالي بمقولة حماية المستهلك، وما زالت معظم ان لم تكن جميع هذه الحملات التي تقوم بها جهات رسمية و غير رسمية مجرد شعارات وكلام وفي المحصلة للاستهلاك الاعلامي.
ورغم ان الاهتمام الموسمي بالمستهلك يزداد في اوقات معينة او بسبب احداث محددة، سواء من الدوائر الرسمية التي تعني بحماية المستهلك وهي كثيرة، او من جمعيات حماية المستهلك، وهي مبعثرة ومشتتة وبدون خطة استراتيجية واضحة، او بدون مرجعية او قاعدة او حتى بدون رؤيا واضحة، الا ان ذلك يبقى مؤقتا، ينتهي مع انتهاء الحدث او مع خبو ردات الفعل على الحدث؟.

وعلى ذكر جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، وهي جمعيات اهلية تشكلت قبل عدة سنوات، بالاستناد الى قانون حماية المستهلك الفلسطيني الصادر من المجلس التشريعي والموقع من الرئيس عام 2005، والتي من المفترض ان تكرس جل عملها لحماية المستهلك، وبأن يكون المستهلك هو الداعم لها، وبأن يكون هو العنوان والاساس والضمان لنجاح ما تقوم بة، ولكي يكون ذلك كان من الواجب على هذه الجمعيات ان تبدأ من المستهلك والية، وللبدء من المستهلك ، كان من المفترض التواصل معة لبناء الثقة والمصداقية، لكي ببساطة يعرف ما يفعل، او الى من يتجة، حين يجد سلعة منتهية الصلاحية او فاسدة او حين ترتفع الاسعار، او حين يتم الاستهتار بة وبحقوقة؟

ورغم اخذها حيزا اعلاميا ملموسا، الا ان فعالية هذه الجمعيات ما زال محدودة، وبالاخص في بناء اواصر الثقة والتواصل مع المستهلك، حيث في بعض الاحيان، كان من الواضح ان الهدف لها هو الظهور في وسائل الاعلام تحت مسميات مختلفة، وبتصريحات وبيانات متنوعة، او بدعوات ومطالبات لا تجد طريقها الى الواقع في معظم الاحيان، وفي ظل عدم الوضوح وغياب المرجعية والتسابق لاخذ الدعم من هنا وهناك، ضاع المستهلك وضاع الهدف من انشاء جمعية حماية المستهلك، وهو حماية المستهلك، ولا يبدو الان في الافق ان هذا الوضع سيتغير نحو الافضل، وبالاخص في المدى القصير؟

ووسائل الاعلام، التي لعبت في اماكن عديدة في العالم دورا هاما في حماية المستهلك وفي متابعة قضاياة، لم تأخذ ويبدو انها لن تأخذ هذا الدور في بلادنا، سواء الدور الذي يتعلق بالتوعية والارشاد والنصح للمستهلك، او في بناء التواصل والعلاقة مع المستهلك بشكل يجعل المستهلك يتجة اليها في حال وجود مشكلة او قضية او لبس، والاهم لم تأخذ دورها في الاستقصاء والبحث والمتابعة وصولا الى ايجاد حلول لمشاكل المستهلك، سواء فيما يتعلق بكيفية ارتفاع الاسعار ومن المسؤول عن ذلك، او في متابعة اسباب تلوث او فساد اغذية او ادوية او منتجات اخرى تصل الى المستهلك الفلسطيني.

وفي ظل هذا الواقع، فأن التغيير الايجابي الذي من الممكن ان يصب في خدمة المستهلك، من المفترض ان يشمل توضيح الادوار وتفعيل التنسيق بين الجهات الرسمية المتعددة العاملة في مجال حماية المستهلك، هذا اذا لم يكن بالامكان تجميعها او صهرها تحت مظلة واحدة او تحت عنوان واحد، وتغيير يشمل توحيد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني تحت اطار واحد فاعل، على اسس واضحة ومن خلال مرجعية تراقب، وتغيير يؤدي الى بناء اواصر الثقة والتواصل مع المستهلك، وتغيير يشمل تفعيل وسائل الاعلام وبشكل موضوعي وعلمي، والاهم كذلك تغيير يشمل تطبيق قوانين حماية المستهلك الفلسطيني بشكل رادع وفعال من اجل تحقيق الغرض الذي صدرت من اجلة، وهو حماية المستهلك الفلسطيني.

وفي اطار التغييرات هذه، فلا يمكن اهمال او التغاضي عن الدور الهام الذي يلعبة المستهلك نفسة، وعلى سبيل المثال حين التعامل مع الاسعار او مع المنتجات الفاسدة او المنتجات غير الصالحة، او حين حين التعامل مع منتجات اسرائيلية، وهنا تنبع اهمية بناء ثقة المستهلك مع الجهات الرسمية وغير الرسمية ، ورغم العمل المتواصل الذي تقوم بة الطواقم الرسمية لضبط الاغذية الفاسدة، سواء من حيث الرقابة والتفتيش والفحوصات، الا انة وبدون شك يبقى المستهلك هو اللبنة الاساسية لاكتشاف وللابلاغ عن المواد الفاسدة، وهذا بدورة وبالاضافة الى توعية المستهلك بأسباب فساد الاغذية، او عدم صلاحيتها، فأنة مطلوب بناء جسور الاتصال وقنوات تبادل المعلومات مع المستهلك.

ولا اعتقد في الوقت الحاضر، ان غالبية المستهلكين الفلسطينيين تعرف كيف والى اين تتجة في حال اكتشاف اغذية او ادوية او مواد سواء منتهة الصلاحية او مشكوك في امرها او ظهر لاستخدامها مضاعفات سلبية، وعدا عن ذلك ولو افترضنا ان المستهلك قد قام بايصال المعلومة الى جهة معينة، فهو لا يعرف كيف يتابع، او لا يتوقع ان تقوم الجهات التي تم اعلامها بالتحرك والمتابعة والاهم التواصل معه لابلاغة ما حدث، وحتى يتم اصلاح هذا الخلل، سيبقى المستهلك الفلسطيني بعيدا عن التواصل والتعاون مع الجهات الرسمية، وستبقى مواد فاسدة او جزء منها ينتشر في السوق بمعرفة وبدون معرفة المستهلك.

وبالاضافة الى التواصل مع المستهلك، فأن الهيئات التمثيلية المحلية للمستهلك هي كذلك مهمة، من مجالس قروية وبلديات ومؤسسات متخصصة او اطر محددة، من نسوية او شبابية او غير ذلك، لان المعلومة في الغالب تصل من القاعدة او من الموقع، سواء من المستهلك او من هذه الاطر المحلية، ولذا فانة من المفترض على الجهات التي تعمل لمكافحة الاغذية الفاسدة ان تبني جسور التواصل والثقة مع هذه الهيئات والاطر، وحتى يتم بناء الثقة مع المستهلك والاهم من خلال الممارسة العملية لمتابعة قضاياة، وكذلك بناء قنوات التعاون مع الهيئات المحلية بانواعها، وكذلك تصويب طريقة التواصل او الاعلان عن ضبط المواد الفاسدة في الاعلام، سيبقى المستهلك الفلسطيني يعيش ويدور في الدوامة شبة اليومية من ضبط ومصادرة واتلاف الاغذية الفاسدة، ومن ارتفاع الاسعار، ومن التعامل مع منتجات اسرائيلية، سواء بدراية او بغير دراية؟

وحماية المستهلك كذلك تتقاطع بشكل او بأخر مع المنتج الوطني، والذي ولكي ينجح، ومن ثم يبقى او يستديم، من المفترض ان يكون ذلك على اسس صحيحة، ومن خلال اتجاهات مختلفة، ومن اهم هذه الاسس، هو التركيز على الجودة اي النوعية، اي كفاءة وفائدة المنتج اسوة بالمنتجات المستوردة الاخرى، وبالاضافة الى الجودة او النوعية، التركيز كذلك على سلامة او امان المنتج الوطني، اي عدم الحاقة الضرر او المرض او حتى الشعور بذلك، ولتحقيق ذلك يتطلب العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتان الصفتان للمنتج الوطني، اي الجودة والامان، في اذهان المستهلك الفلسطيني، وهنا تبرز اهمية وجود مواصفات فلسطينية، او تعليمات فنية، تركز على الجودة والسلامة، المفترض توفرهما في المنتجات الوطنية؟