الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

وصلني

نشر بتاريخ: 10/01/2016 ( آخر تحديث: 10/01/2016 الساعة: 09:56 )

الكاتب: تحسين يقين

"وصّلني" فرصة عمل، تسويق وإنتاج وغيره!
هذه نداء الخريجات الفلسطينيات، الذي جعله منتدى صاحبات الأعمال شعارا لبرنامج تدريبي لعشرات الخريجات، حيث نفذ المنتدى من خلاله مبادرة للتشبيك بين صاحبات الاعمال ومن رغبن من الخريجات بتطوير قدراتهن ومهاراتهن في مجال التسويق والمبيعات، تم تدريب الخريجات نظريا وعمليا على هذه المهارات، وتشبيكهن مع صاحبات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتطوير خطط تسويقية وتنفيذها.
سيصير المهم هو خلق هذه الصلة بينهن وبين صاحبات وأصحاب الأعمال، من أجل المساهمة في التخفيف من بطالة الخريجات، بعيدا عن العلاقة اللغوية في ما يسمى الإعلال بالحذف، حين نحذف حرف العلة من أمر الفعل المبدوء به، فالحق أن نقول "صلني" لا "وصلني" العامية.

والأهم من اللغة والصلة الاقتصادية هو التغيير الاجتماعي، كي يكون مقدمة للتغير السياسي والفكري. ليتطور الشعار"وصّلني" لدور مجتمعي، ودور سياسي أيضا، للخريجات والخريجين وللشباب والشابات بشكل عام، في وقت ارتفعت فيه متيرة الشباب والشابات المطالبين/ات بالشراكة في صنع القرار.
ولعلنا نتذكر قول خليل السكاكيني حين قال احمل محراثك واتبعني، قول على قول عظيم الهند غاندي حين قال احمل مغزلك واتبعني!
لقد فطن المفكرون قديما وحديثا إلى أهمية كون التطوير الاقتصادي كلازمة للتحرر السياسي، والمشاركة السياسية، ويتفق مع ذلك تحلي النوع الاجتماعي للأدوار بدءا بالدور الإنجابي والذي هو للجنسين معا، ثم الدور الإنتاجي، فالدورين المجتمعي والسياسي.

لذلك فإن "تشجيع منتدى صاحبات الأعمال "السياسات والتشريعات التي تحمي مصالح الرياديات اللواتي يطمحن بدخول عالم الأعمال وتزيد من فرصة نجاحهن، ويحمل على خلق فرص التشبيك لزيادة فرص التسويق وتعزيز العلاقات بين سيدات الاعمال في العالم"، يأتي في هذا السياق، كمقدمة لدور مجتمعي وسياسي يمكنهن من المشاركة الفعلية في صنع القرار، وهو الجهور الحقيقي لديمقراطية مزدهرة. وفي حالتنا الفلسطينية فإن ذلك هو أيضا بيت قصيد الدور الوطني، والذي نرى بذوره في الطالبات اللواتي يشاركن زملاءهن النضال الوطني.

تربويا، استمعنا لكلمة السيدة خلود ناصر رئيسة وحدة النوع الاجتماعي التي تحدثت نيابة عن وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم، حين قدرت عاليا تدريب الخريجات نظريا وعمليا على هذه المهارات، وتشبيكهن مع صاحبات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتطوير خطط تسويقية وتنفيذها، حيث أن التربويات والتربويين ينظرون إلى هذه المبادرة من شقين، الاقتصادي والتربوي، من خلال الاهتمام بالتدريب، في سياق فلسفة تربوية تطالب بضرورة وجود التدريب ليس بعد التخرّج فقط، بل وأيضا على مقاعد الدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات".

وأشارك السيدة ناصر في أن مبادرة "وصلني" بما احتوت من منهجية تدريب عملية ونظرية، تشكل للتربية والتعليم العالي دليلا يساهم في تطوير مناهجنا في التعليم العام والمهني والعالي، حيث من الضرور تعرف التربويين على الأدبيات التي نتجت من خلال تنفيذ المشروع، في ظل تفاعل البعد التربوي بالبعد الاقتصادي لإعداد الطلبة للمجتمع.
في حفل ختام البرنامج، لاحظنا وجود فكرة اقتصادية بخصوصية وطنية جمالية، فالخريجة هيلانة أبو شريفة ألبست الدميتين "زينة وياسر" الزي الفلسطيني، عرفنا أن الأسواق الفلسطينية ومحالها التجارية بدأت تعرفهما من خلال هذا الزي. ولكن للأسف الشديد، ففي ظل حرب الاحتلال على الرموز الوطنية، فإن هذه الدمى لم تسلم من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.، فقد داهم الاحتلال مصنع الدمى الصغير بمدينة طولكرم قبل اسابيع، وقام بمصادرة 1700 دمية تم تجهيزها لإطلاقها في السوق الفلسطيني بداية هذا العام الجديد.

حديث المتحدثة باسم القنصلية الامريكية الممولة للبرنامج، روبن سلمون في "أن الولايات المتحدة تدعم التطوير الاقتصادي للمراة الفلسطينية خاصة ان مشاركة المراة في الاقتصاد قوية ومميزة" يذكرنا بمقال السيدة دورثي شيا نائبة القنصل قبل عام تقريبا، والذي كان بعنوان "مراثون سد الفجوة الجندرية بين الجنسين، ينبغي الإشادة بنجاح الفلسطينيين بازالة الفجوة بشكل كبير بين الجنسين في مجال التعليم". ما يمز هذا العام هو التركيز على التدريب، والذي صار توجها عالميا أثناء التعليم وبعده.
حين نتحدث عن أدوار النوع الاجتماعي الأربعة (الإنجابي والإنتاجي والمجتمعي والسياسي)، لا نغفل خصوصيتنا كشعب تحت الاحتلال، لذلك فإننا وآخرون وأخريات نربط ذلك بالدور الوطني.

ولعلنا هنا ونحن نتذكر مقالة السيدة شيا نقتبس ما يوضّح هذا الربط:
"ان صوت المرأة الفلسطينية هو أيضا صوت عالي وملهم، أن أشد الاراء وضوحا وإقناعا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية سمعتها من النساء"
لأجل ذلك فإنها أتبعت ذلك بقولها "لقد حقق الفلسطينيون نجاحا كبيرا نحو المضي في سباق المراثون، ويجب علينا أيضا أن نعترف بأن المرأة الفلسطينية اصبحت جاهزة للمرحلة المقبلة من تحقيق المساواة بين الجنسين".

معروف نسبة الخريجات قياسا إلى الخريجين، ومعروفة نسبة التشغيل في القطاعين العام والخاص، والتي تميل لصالح الذكور، لأسباب تاريخية واجتماعية، وبالرغم من أهمية تشغيل الذكور والإناث، وتعليمهما بما يحقق المساواة، فإن جسر الفجوة بينهما هو لصالح كليهما وليس لصالح الخريجة فقط، لأن الإبداع يجرّ إبداعا، ودورة رأس المال تفيد المجتمع بشكل عام. ولا ينبغي نسيان أن الوفرة المالية من كلا الجنسين أصلا تصب في تنمية جميع أفراد الأسرة.
وحتى يتم ذلك، نحتاج لعملية تطوير الوعي الاجتماعي لزيادة تقبل المرأة في سوق العمل، بأجور وظروف وفرص متكافئة، ولعل هذه العملية هي عملية تربوية في الأساس، من عيوبها أنها تسير ببطء، ولكن هناك مؤسسات اقتصادية في مجتمعنا صارت تسارع في ذلك، مثال ذلك بنك فلسطين الذي يسعى نحو جعل الوظائف مناصفة بين الجنسين في ظل بضع سنوات.

فإذا تم ضمان تحقيق حاجات النوع الاجتماعي العملية، بنسب متكافئة للنساء في الالتحاق بالتعليمين العام والعالي والعمل في القطاعين العام والخاص، فإن ذلك يغرينا ويقوينا ونحن نمضي نحو تحقيق حاجات النوع الاجتماعي الإستراتيجية، والتي تكمن تجلياتها في تحقيق المساواة والشراكة، وتغيير الصورة النمطية للمرأة، ولعلنا نؤكد هنا مرة أخرى، أن من سبل دعم هذه التوجهات الوعي على أن الدور الإنجابي ليس خاصا بالمرأة فقط، بل مسؤولية الرجل والمرأة معا، أما الدور الإنتاجي فحق لكليهما وحاجة تنموية وإنسانية وعلمية وعملية، ووجود المرأة فيه يؤسس لدور مجتمعي وسياسي للنساء في المجالس المحلية والبرلمان، والأحزاب والحياة الثقافية العامة.
رفع الوعي العام عليها وتطبيق ذلك في البيوت والمؤسسات طريق من طرق ضمان صعود الديمقراطية في بلادنا، كضمانة لعدم التطرّف والاقتتال.
"وصلني وصلهما وصلهم وصلنا" أو صلنا جميعا بمواقع العمل وصنع القرار هدف وطني وإنساني واقتصادي واجتماعي.