الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات رخاء وليست شقاء

نشر بتاريخ: 13/08/2016 ( آخر تحديث: 13/08/2016 الساعة: 21:21 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

القيم السامية لا تتجزأ ، والا أصبحت ديموغوجية رخيصة بيد من يستطيع استخدامها الى حين الاستفادة منها ومن ثم تعطيلها حتى لا ستفيد غيره منها ، تماما مثلما يشرب العطشان من البئر وبعد ذلك يقوم بردم البئر فلا يستخدمه غيره ، وهو عمل رخيص بكل معنى الكلمة . وهكذا يمكن أن تصبح القيم السامية كلمة حق يراد بها باطل . وفي هذا الاطار فان الانتخابات هي ثمرة عملية ديموقراطية واعية ، هي تكثيف نتاج عمل عقلاني مبذول على صعيد مجتمعي ، ومن أجل نجاحها لا بدّ ان يتوافر اربعة عناصر منها عنصر المشاركة وعنصر القبول .
والعملية الانتخابية ليست خطوتان فقط ( ترشيح تصويت ) وانما العنصران الثالث والرابع هما الاهم ( قبول والتزام ) . قبول الطرف الخاسر بالنتيجة ، والتزام الطرف الرابح بأخلاقيات الفوز واحترام المعارضة دون تغيير القوانين لصالح بقائه . ومن دون فهم هذه النقاط الاربع ستكون أية انتخابات مجرد شكل اّخر للسطو على الحكم لترسيخ حالة استئثار .
وهنا يبرز سؤال خطير : من يقرر القبول والالتزام ؟
والجواب واحد لا يجوز البحث عن غيره وهو المحكمة العليا .
فلا يمكن الاعتماد على وسائل الاعلام وهتاف جماعة هذا الحزب او ذاك من أجل اظهاره كملاك وشيطنة الطرف الاخر ، ولا يمكن حتى الاستنجاد بالخبراء الاجانب ولا يأئمة المساجد ولا بالدول الاخرى .
جواب واحد وواضح . من يقبل بالانتخابات حكما ، عليه لزاما ان يقبل بقرار المحكمة العليا . ولا عملية ديموقراطية في أي مجتمع من دون قضاء عادل ومستقل ، ولا قضاء عادل ومستقل من دون هيبة دستورية ، ولا هيبة دستورية من دون دولة قانون ، ولا دولة قانون من دون نقابة محامين شريفة ، ولا نقابة محامين شريفة من دون مجتمع مدني ، ولا مجتمع مدني من دون فصل الدين عن الدولة . وهذا ما حدث في تركيا وتونس ماليزيا وكل الدول النامية التي تسعى للحضارة .
وكما لا يجوز للرئيس المنتخب والاجهزة الامنية السيطرة على المساجد ، فانه لا يجوز لرجال الدين السيطرة على مؤسسات المجتمع و أحكام القانون المدني والاستقواء بالخطاب الديني .
نتائج انتخابات البلدية تهمني كثيرا ، ولكن طريقة تفاعل المجتمع ومؤسساته معها هو الأهم .
المفروض ان الانتخابات شئ جميل وطريق مشاركة تصبو للرخاء ، وليست حربا داحس والغبراء بين فريقين طامعين في الاستحواذ .