الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كوبر نموذجاً

نشر بتاريخ: 15/08/2017 ( آخر تحديث: 15/08/2017 الساعة: 10:09 )

الكاتب: رامي مهداوي

حالة من الإغتراب يعيشها المواطن الفلسطيني مع قضاياه، بحيث أصبح كل حيز جغرافي يناضل مع قضاياه المختلفة وحده دون وجود مظلة كاملة الإمتداد للتصدي والدفاع، وأخطر ما في الموضوع هو المظلة الوطنية النضالية التي يجب أن تشمل جميع الفضاء الفلسطيني أمست مهترئة وإن وجد هيكلها المتصدئ.
العديد من الأمثلة حولنا تبرهن إدعائي السابق، لكن أقرب مثال حي مازال ينبض هو قرية كوبر التي تبتعد عن مدينة النظام السياسي الفلسطيني رام الله 10 كم فقط. منذ ما يقارب الشهر وهذه القرية صامدة وحدها في وجه الآليات والعقلية الإحتلالية بجهد ذاتي مصدره كل مكونات القرية.
لماذا إخترت هذه القرية كنموذج لإدعائي؟ لأسباب كثيرة أهمها: قرب المسافة الجغرافية من مدينة المطبخ السياسي، ما تحتضنه القرية من إرث نضالي ووطني لشهداء وأسرى وجرحى كانوا ولا يزالون قادة للعمل الوطني على صعيد الوطن وليس الحيز الجغرافي لقريتهم أو محافظتهم أمثال: عادل وراغب البرغوثي، أبو مخلص، عزت بدوان أخ الشهيد نجم بدوان، محمد ابراهيم البرغوثي، عمر عبد الجليل العبد، حسن أبو الحاج والقائد الأسير مروان البرغوني، نائل البرغوثي " أبو النور" و فخري البرغوثي "أبو شادي".
يجب تفكيك العديد من التساؤلات التي جعلت كوبر تتصدى الهجوم البربري وحدها دون أي فعل أو رد فعل مقاوم بأي شكل يذكر كان، حتى التصريحات الإعلامية التي تستنكر معدمة_" فإن لم يستطع فبلسانه"_ ولا تذكر من جميع مكونات النظام السياسي الفلسطيني؛ وحتى "المثقف" بجميع أشكاله في حالة سُبات دائمة و يكتفي بلعن الظلام في أحلامه.
أيضاً علينا التفكير بأن عملية النضال الدائمة تقع في مناطق خارج سيطرة السلطة الفلسطينية، إذ أصبحت المدن الرئيسية (A) فقط دورها التصدي لقوات الإحتلال وقت الإقتحامات، بالإضافة للمؤتمرات وورش العمل كحالة من النضال الفكري في كيفية مقاومة الإحتلال!!
كتبت سابقاً عن القدس تناضل وحدها كما هم الأسرى وحدهم، مع عدم شعورنا بما يحصل مع أصحاب الأراضي التي يتم مصادرتها بشكل سرطاني مسعور لبناء المستوطنات فهم وحدهم أيضاً يناضلون ضد فعل الإحتلال الكولونيالي على أرضهم، لكن ما يحدث مع كوبر وغيرها من القرى يضيف مسامير جديدة في نعش القضية الفلسطينية بأننا جفرافياً أصبحنا ممزقين دون معرفة ما يحدث على أرض الواقع وبناء إطار نضالي في المواجهة.
إذ نجد هدم منازل في كوبر وحصار يخنقها والمدينة الأقرب لها مبتهجة في عدد من المهرجانات الغنائية والرقص_ دون أي معرفة للواقع المجاور لها_ والقنوات الإذاعية والتلفزيونية تكتفي بخبر عاجل هنا وهناك وتسليط الضوء على زيارة فنان أو فرقة ما وما لها من أهمية في زيارة السجين!! وندخل في لغط تطبيع من عدمه وننسى ونتناسى ما يحدث على أرض الواقع في كوبر!!
النضال في كوبر كنموذج استنهض إعادة إحياء تجربة الإنتفاضة الأولى لدى جيل جديد من جهة، وتعرية المحيط بها والبعيد عنها من حيث الإسناد الشعبي مع بعضنا البعض الذي فقدناه بعد أوسلو. فجميعنا يستذكر اذا ما كان هناك شهيد في رفح الرد يكون في جنين.

• هذا المقال إهداء لجميع مكونات قرية كوبر، أقل الواجب.
للتواصل:
[email protected]
فيسبوك RamiMehdawiPage