الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بانتظار ابو ليلى المهلهل القادم على صهوة الريح...

نشر بتاريخ: 09/03/2018 ( آخر تحديث: 09/03/2018 الساعة: 14:41 )

الكاتب: يونس العموري

هو ذاك المهلهل الذي قصد القبيلة واقسم بعناقيد الغضب على الثأر وغادر كل اشكال الترف وعاش طريدا مطاردا مطرودا مهاجما هائجا ليقتنص من قتلة الشقيق.. لم يصالح ولم يقبل التصالح حتى يعود الأخ الى مهجعه.. كانت له فلسفتة بالتصالح وعقد الصلح على ارض الواقع بعد ان يعود الطير الى عشه وتعود عقارب الساعة الى الوراء وكل الرؤس ليست بسواء.. لم يقبل ان يساوم وحاول ان يعايش الواقع والوقائع وظل يثأر للمقتول من القاتل ولم يقتل القاتل.. كان يمارس البكاء والنحيب واحترف ممارسة القتال من على صهوة جواده.. هوابو ليلى المهلهل الزير سالم الاسم المعاكس والمتناقض للإستكانة والتفاوض والقبول بالمقبول والقابل على الاستهانة في عصر تدنيس الذات وتحوير المعاني وانفلات المعايير وتبدل المقاييس واهانة القيم وتغير منظومة المفاهيم لتصبح الخيانة وجهة النظر والإقتراب من بيت التنين شيء من التكتيتك وتدمير السلاح جزء من حضارية الموقف والمواقف والتسليم بأطروحات الرعاة انتصارا دبلوماسيا في ظل العهود الجديدة والقراءات الراهنة لمعادلة التوزان والمهم والاهم ان يبقى السلطان بالباب العالي ساكنا مستكينا..
ومشعوذو الكلام يتقدمون بدساتير تقديرات الموقف وفقا لمسار المصالح وارتباطاتها بكل الاتجاهات ...
اطلق العنان لغضبه وادرك رموز المعادلة وراح يبحث عن السبيل في استرجاع كرامته المهدورة في ظل انكسار السيف المقاتل ولا يفل الحديد الا الحديد.. لم يساوم وان جاؤوه بكل اشكال والوان التفاوض والتصالح على الدم وان تضع الحرب اوزارها وان يحيا في كنف مملكة جساس القاتل وان ينصب قيصرا جديد على قبائل العرب العاربة المستعربة التي خانت العهد والميثاق واشار باصبعه نحو اليمامة المطالبة بـأن تعود الى حضن ابيها وتلعب بلحيته وتستقبله ان اغضبها الزوج او الحبيب ...
هي حكاية العزة والكرامة لمن يقاتل دون ارضه وعرضه وماله وهو دستور البقاء في ظل قوانين الغاب ادركها صعلوك العرب وعزز مفاهيمه بصرف النظر عن كل اشكال الفهم الانساني لمعادلة اللحظة.. بكل بساطة اراد ان يعيد للمجد عزته واراد ان يحيا في كنف انسانيته ويعاشر حياته بمنطقها الانساني وفي ظل القاتل لا يمكن ان تستوي الحياة رافضا للصلح والتصالح وللتفاوض حتى على قيد انمله بالحق والحق هنا نسبي وما هو حق لا يمكن الا ان يكون حقا واحقاقا بالحقوق التاريخية الموروثة للانسان ولجموع الجماهير التي تصنع حقوقها وتتشبث بها وتحدد معاييرها ومقاييس الخيانة والالتزام..
ابو ليلى المهلهل واحد مما تعامل مع منطق المفاوضات ببراعة صاحب الحق ومارس حربه وثورته بما يسمح له ان يفاوض ويتفاوض ويحاور ويتحاور بمنطق القوي القادر على فرض الشروط والاشتراطات وكان ان قيل له ان يوقف قتاله وحربه وحينها اشار باتجاه اليمامة لمفاوضتها التي ارادت ابيها المقتول ان يعود الى احضانها وقال اجلبوا لها ابيها وحينها نعقد الصلح.. وبالتالي كان اللا تصالح كونه يتناقض ومنطق الاشياء.. لا صلح ولا تصالح مع الشاة والسكين فانتصار الشاة على السكين او السكين على الشاة معادلة معقدة متناقضة وان كان الكل يحاول ان يتمنطق بمنطق حضارية الانسان وضرورة الحوار وأنسنة الصراع والصراع هنا هو بحد ذاته المنطق الانساني حينما يكون الاعتداء سيد الموقف..
هي وصايا الزير سالم الذي اراد ومن خلال سيرته ان يؤكد جملة من المواقف اعتقد اننا وبالوقائع الراهنة لابد لنا من اداراكها واستدراكها تلك المواقف المتمثلة بضرورة تواصل الصراع في ظل عدم تمكننا من ادراك الحقوق وفرضها وانتزاعها من العدو وذلك من خلال ادامة التناقض وتعميقه وعدم القبول او الاستكانة لظروف الواقع وما تفرضه بالتالي من حقائق.
ايها القاعدون المنتظرون للمعجزة من حدوث.. إدركوا قوانين الزير سالم واعلموا ان كل حوارتكم ليس لها مكان ومكامن في ظل هذا التناقض الاساسي ما بين الحق والباطل ولن يتداخل الاسود بالابيض.. وسيظل الصراع متأججا حتى تعود الكلمة الى مكانها الطبيعي في الجملة القادرة على التصدي لرصاصة قتل الحلم بعودة الاب لعرين العائلة.. ولن يستوي امر النهايات كما تريدون وتعتقدون..
في حضرة سيد السيف لابد من ادرك حقيقة الواقع الراهن الذي يفرض قوانينه على التاريخ في محاولة ممن يتمنطقون بمنطق الواقعية والوقائعية السياسية بضرورة التعايش بحضارية مع منطق الاشياء وبالتالي القبول بانصاف الحلول او ما يسمى بالوسطية التي بلا شك انها تتطلب التنازل.. والتنازل متناقض بالضرورة مع الحقوق حيث انها سلسلة متصلة ببعضها بعض واذا ما كانت المساومة على حق من الحقوق ينفرط عقدها جميعا..
في حضرة الليل وغبار المعارك يصبح الكلام عن الحوار والقبول بالمقبول والمطروح ثغاء احوى وبالتالي يختبىء ممن يعتقدون بضرورة ممارسة فنون الدهاء والتلاعب على المصطلحات فكان من الضروري انكسار السيف ليتقدم اصحاب النظريات التفاوضية والحوارية الى المشهد العام..
والتفاوض شكل من اشكال القتال والصراع في معادلة الوجود والأحقية بالعيش في كنف العزة والكرامة ، ولابد ان يكون مسنودا ومستندا لمنطق مقاومة القبول بالاستكانة وانتزاع الحقوق انتزاعا بالسيف الملتمع نصله في كثبان البيداء ، والجلوس الى مستديرة الحوار تظل منطق الانسان والبحث عن الرعاة والوسطاء من الضحية يصبح معوجا لمسار الفعل والفعل المضاد ...
والا فإن سيجد كبير الخراف نفسه يبحث في كل الدروب عن الطريق المؤدية الى مائدة الذئب .. ليفوضه رعاية القطيع ... والفقراء البسطاء في الازقة والدروب والشعب الساكن المُنتظر قد ينكسر قد ينتصر وقد ينفجر، ولكنه يغضب وإذا غضب فإنه يحاسب وحسابه يكون عسيراً .... وسيظل بانتظار ابو ليلى المهلهل القادم على صهوة الريح ...