الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد شمعون بيريس إنتهت الصهيونية ..أكل نتانياهو وسارة من الشجرة المحرمة

نشر بتاريخ: 16/12/2019 ( آخر تحديث: 16/12/2019 الساعة: 15:58 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

يشاهد العرب أدق تفاصيل إنهيار المشروع الاستعماري الصهيوني من خلال شاشات التلفزة، وغالبا على البث المباشر. حيث عجزت النظرية الصهيونية عن تمديد فترة حياة أخرى لها من خلال القوة ومن خلال السيطرة على شعب اّخر.
في العام 2016 مات شمعون بيريس، وكتبت حينها مقالة بعنوان (لم يبق في إسرائيل سوى الأسماك الصغيرة). فقد رحل المؤسسون الصهاينة وطوتهم الخرساء، ولم يتركوا وراءهم خطة بقاء للأجيال القادمة من اليهود المستوطنين سوى الحرب والخراب والتفجير والدمار والكثير من السلاح.
منذ العام 2016 تأكل إسرائيل نفسها، وتبحث عن إجابات دون جدوى، لا يملك حكام تل أبيب أية إجابات سياسية أو امنية أو اقتصادية أو فكرية أو اجتماعية. ورويدا رويدا اغرقوا انفسهم في نظام فصل عنصري لن يفضي الى شيء سوى خسارتهم لانسانيتهم وهدر حيواتهم.
في ال2017 فاز دونالد ترامب برئاسة أمريكا . ولسوء حظ إسرائيل أنه عمل على تسريع غرقهم في نظام الأبارتهايد والعداء مع الشعوب العربية والاسلامية بشتى الصور . ولأن حكام اسرائيل يريدون الغنائم بأية طريقة وبأي ثمن ،   أعجبتهم الاغراءات وتورطوا اكثر واكثر في ملفات معقدة ومصيرية : القدس - المسجد الاقصى - ضم الضفة - الحروب - الاغتيالات - الكف عن البحث عن حل سياسي - تجويع شعب اّخر ... ) . وقد خدعهم نتانياهو حين إعتبر هذه " المصائب "،  انتصارات على العرب فيما يعرف كل مستشرق أنها ليست انتصارات وإنما براميل بارود سوف تنفجر في الوقت المناسب .

فشل نتانياهو في عملية السلام ، وعجزه عن المضي في حل الدولتين . غرور ترامب وافتقاره الى دروس التاريخ ، دفع الامور الى مرحلة صعبة وقاسية على الجميع .

عربيا ، لا يمكن التنبؤ بأي احتمال في صالح اسرائيل ، فالحكومات العربية تتغير بأسرع من تغير فصول السنة والزعماء العرب الذين يعطون الوعود لاسرائيل ولترامب قد يكونون في الزنازين بعد شهر . 
فلسطينيا اّلت الامور الى حشر التنظيمات الفلسطينية في زاوية ضيّقة ، فامّا أن تتشدد أكثر وتتماشى مع مزاج الرأي العام ، وامّا أن تنقلب عليها شعوبها .

وقد كان لدى اسرائيل ثلاثة كنوز خسرتها تماما :

- اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل. وهذا اكبر إنجاز حققته الصهيونية منذ نشاتها . ولكنه الاّن أ مر مرفوض شعبيا ونقابيا وسياسيا واخلاقيا ودينيا وبنسبة تصل الى الاكتساح.
- معاهدة كامب ديفيد مع مصر . وهذه الاتفاقية في مهب الريح دائما ، ولن تصمد في السنوات العشر القادمة ، ولو صمدت فانها ستكون مهلهلة وغير مقبولة شعبيا .
- معاهدة وادي عربة مع الاردن . ويعرف الجميع أنها أضحت حبرا على ورق .  ولن يكتب لها البقاء في أي منعطف تاريخي .

بقي لليهود المستوطنين على أرض فلسطين ، ذخائر وأسلحة وطائرات ومتفجرات وأجهزة تجسس . وبقى لها بحور من الكراهية من جانب الشعوب الاخرى .

والحتمية التاريخية واضحة ولا مندوحة عنها ( يعيش المستوطنون بخوف ورعب طوال حياتهم ...
وفي النهاية .. لا يمكن أبدا تشبيه نتانياهو وسارة بالنبي اّدم عليه السلام وبالام حواء .. ولكن من باب الاستعارة أُقول : 
" لقد أكل اليهود من الشجرة المحرمة ، وحق عليهم الخروج من الجنة " .الشيطان أقنعهم ، الشيطان أوقع بهم ، الشيطان قادهم الى العقاب المحتوم .