الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة .. من الحصار للحرب فجائحة كورونا فماذا ينتظرها بعد ؟!

نشر بتاريخ: 20/09/2020 ( آخر تحديث: 20/09/2020 الساعة: 15:26 )

الكاتب: رولا سلامة

أزمة وراء أزمة ،وتحديات جمة ، حصار وحروب وقصف والان كورونا ، هذا ما كان ينقص غزة في هذا الوقت ، قلنا عند بدء جائحة كورونا حمى الله غزة فيكفيها ما فيها ، ويكفيها ما عانته وتعانيه من حصار اسرائيلي جائر وعقاب جماعي على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاما عانى خلالها القطاع بأكمله من مشاكل كثيرة على رأسها الحرب والقصف والدمار وانعدام الأمن والأمان ، وازدياد نسبة الفقر والفقر المدقع ، وتفشي البطالة والانهيار الكامل للاقتصاد ، انقطاع دائم للكهرباء وتلوث مياه الشرب ، وانهيار المنظومة الصحية بالكامل ، ونقص بالدواء والمعدات الطبية ، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بمن يعيش هناك.

ان قطاع غزة يعد من أكثر بقاع الأرض كثافة سكانية ، حيث يعاني حوالي مليوني مواطن من أوضاع اقتصادية غاية في الصعوبة ، وثلث السكان تقريبا يعانون من فقر مدقع أي أن اسرهم غير قادرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومسكن ، وحوالي 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية ،ونسبة البطالة بين الشباب تزيد على 70% ، بطالة تعد الأعلى بالعالم ، وحرب وقصف وحصار هو الأصعب والأقسى والأطول على أجيال لم تعرف معنى الأمن والأمان أو الهدوء على مدار عشرات السنين ، أجيال فتحت عينيها على حروب وتهجير وحصار وقتل وأسر وابعاد وانتفاضات فهي البقعة من الأرض التي لا تهدأ أبدا .

هذا كله كان قبل كورونا ، فكيف أًصبح الوضع الان في ظل انتشار جائحة كورونا في القطاع ، وأكثر ما يدلنا على تدهور الأوضاع هو ما صرح به إغناسيو كاساريس غارسيا، مدير مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة في بيان صحفي جاء فيه " أن نظام الرعاية الصحية في غزة، لن يكون قادراً على التعامل مع أكثر من بضع عشرات من مرضى فيروس “كورونا ويتطلب علاج مرضى كوفيد-19معدّات طبية ومخبرية ومستلزمات خاصة وأدوية غير متوفرة في المستشفيات والمراكز الصحية بكميات كافية.”

وأوضح أن اللجنة الدولية قدمت الإمدادات والمعدات، بما في ذلك معدات العناية المركزة الحيوية والكلور ومعدات الوقاية الشخصية وإمدادات المستشفيات، وأجرت تحسينات في البنية التحتية في المستشفى المخصص لعلاج مرضى “كورونا” في غزة.
ولكن وبعد كل ما قدم وهو ما زال غير كاف أبدا لتغطية احتياجات قطاع غزة ، وبعد أن قامت وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية بامداد قطاع غزة بثمانية أجهزة تنفس صناعي وأدوية للأمراض المزمنه وبعض أدوية مرضى السرطان والمعقمات والقفازات ولباس خاص للطواقم الطبية الا أن الوضع ما زال بحاجة لدعم من المجتمع الدولي لمساعدة القطاع ، وعلينا أن نتخيل وضع الأسرة في قطاع غزة وهي لا تجد قوت يومها ونسألها ونطلب منها أن تشتري لأفرادها الكمامات والقفازات ، وضع كارثي بحاجة لدعم ومساندة على جميع الأصعده .

قضية اخرى تزيد الأمور تعقيدا وتمس بالقطاع الصحي وهي قضية التقاعد المالي الذي طال حوالي 1950 موظف منهم 500 أخصائي من الكادر الطبي المميز وصاحب الخبرات الكبيرة في قطاع غزة ، وهذا يعني أن السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وبالتحديد حكومة الدكتور رامي الحمدالله السابقة وفي شهر تموز من العام 2017 قد أحالتهم على التقاعد الاجباري دون وجه حق وأصبحوا يتقاضوا فقط ما قيمته 50% من رواتبهم، علما أنهم ما زالوا على رأس عملهم لانهم لم يبلغوا رسميا بالتقاعد ، ولنتخيل الوضع الاقتصادي الصعب والوضع النفسي الأصعب لهم ولاسرهم وهم يعملون دون أن يتم دفع رواتبهم الكاملة لهم علما أن رواتبهم أقل بكثير من رواتب زملائهم في الضفة الغربية ، وهذا يؤثر على أدائهم وعملهم في الوقت الذي يتطلب منا جميعا ومن السلطة الوطنية الفلسطينية ومن السلطة في قطاع غزة أن تنصفهم وتوفر لهم كامل احتياجاتهم وتوفر لهم الجو المناسب للعمل ولتحمل الضغوط خاصة في ظل كورونا وفي ظل حصار وضغط وحروب وأوضاع مأساوية على جميع الجبهات .

دكتور فتحي أبو ورده – مستشار وزيرة الصحة في قطاع غزة قال ان الحالة الوبائية في القطاع تزداد سوءا وتثير القلق مع ارتفاع أعداد المصابين بسبب الكثافة السكانية الكبيرة وبسبب عدم التزام الناس بتعليمات وزارة الصحة من حيث التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات والقفازات ، وأضاف أن المنحنى الوبائي متعرج وهذا ما يقلقنا ، وأن حظر التجول في بداية الأمر كان مشددا وكان هناك التزام من قبل الناس ولكن الان الوضع تغير والالتزام لم يعد مثل السابق ، وأضاف أننا بحاجة لتوعية الناس ، والاعلام هو الوسيلة الأنجع والأنجح في هذا الموضوع ، وأضاف قائلا أن الناس أيضا يخافون من اجراء فحص الكورونا ويترددون باجرائه ، وأننا نقوم باجراء ما بين 1000 الى 1500 فحص يوميا وهذا غير كاف نسبة لعدد السكان في القطاع .

ان غزة الان تقف على مفترق طرق مصيري ، فالاوضاع الكارثية التي يعاني منها القطاع لسنوات اضافة للحصار والأوضاع الاقتصادية الصعبة جدا جعلت الناس غير قادرين على تحمل هذه الظروف لفترة اخرى ، وهذا يضع عبئا اضافيا على السلطة الوطنية الفلسطينية لتتحمل مسؤولياتها بشكل أكبر ولترفد المشافي في القطاع بالأجهزة والمعدات الطبية اللازمة سواء لمحاربة كورونا أو غيرها من الأمراض ، وهذا نداء اخر لمؤسسات المجتمع المحلي والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية ورجال الأعمال والأخوة المغتربين خارج الوطن ولنا جميعا أفراد ومؤسسات فلنقف جميعا مع غزة ولنجمع التبرعات ونطلق النداءات والمبادرات ، غزة تستحق ، لنقف بجد وقفة حقيقية مع القطاع ونحاول أن تضع صغوطا كبيرة على اسرائيل لادخال الدواء والعلاج والمواد التموينية اللازمة للقطاع ، فجائحة كورونا ما زالت في بداية انتشارها وعلينا جميعا أن نحاربها قبل أن تنتشر وتتفشى بين الناس في القطاع .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .