الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سنة 2024 للحلول الاجبارية ولن يكون أي طرف لديه الاختيار

نشر بتاريخ: 04/01/2024 ( آخر تحديث: 04/01/2024 الساعة: 13:25 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام




بعد كل هذا الخراب، وبعد كل هذا الدمار والويلات، تتوزع الخسائر على الجميع. وكلما كان الطرف اقوى كلما كانت خسارته اكبر. فالأغنياء خسروا اكثر ولكن الفقراء خسروا كل ما يملكون مهما كان صغيرا .

إسرائيل خسرت وهم الهيبة والتفوق وخسرت شعوب الأرض كلها ومهما فعلت فإنها لن تستعيدها على مدى الجيل المنظور. والسلطة خسرت شعبيتها وحضورها والامل بان المفاوضات مع إسرائيل قد تصلح بديلا عن كل أنواع النضال الأخرى. وحماس خسرت ما يمكن أن يقال الان وما لا يقال الان. أمريكا خسرت وكذلك الهيئات ومفهوم العدالة الدولية التي اتضح انها مجرد وهم وسلعة يتم الترويج لها في الأسواق وقت الحاجة. مصر خسرت كثيرا ومثلها الأردن وسوريا ولبنان، والسعودية والامارات وقطر ... جبهات المحور خسرت وأنظمة التحالف خسرت.

في علم النفس السلوكي ان مشاعر الألم اقوى وابقى من مشاعر الفرح. وان الانسان ينسى مشاعر الفرح بسهولة وان الذي وجه الضربة ينسى ما فعل، ولكن الذي يتلقى ألم القصف والضربات يعيش شعور الألم الفظيع ويلازمه هذا الشعور طوال حياته. والامر ليس اراديا وانما في صميم السلوك البشري .

كل طرف اخرج احقاده على شكل خطط وكمائن من خزائن الزمن، وحاول تنفيذها. وان الغضب الذي نشاهده على وجه السياسيين مرده صدمتهم من ان هذه المخططات "الشريرة" غير قابلة للتنفيذ. وصل الامر حد ان طالب وزراء في حكومة نتانياهو ان يلقوا قنبلة نووية على غزة، ولو كان لدى العرب قنابل نووية لما تردد المتطرفون في التفكير بهذا الاحتمال. ولكن الحقيقة البسيطة التي يهرب منها الجميع : انه لا حل عسكري للصراع .

يعيش على هذه الأرض خمسة مليون يهودي وخمسة مليون عربي. لا الحل العنصري والابارتهايد ينفع لأنه يخالف سلوك الحضارات. ولا أن يقتلوا من العرب مليون انسان ينفع، ولا ان نقتل منهم مليون ينفع .
يعيش العرب الفلسطينيون هذه الأيام في ظروف أسوأ من التي عاشها اليهود فترة الحرب العالمية الثانية في أوروبا. ولكن التاريخ لا يبقى على حاله والزمان لا ينام على طرف واحد. وكما انقلب الزمان حينها لصالح طرف فانه في يوم من الأيام سوف ينقلب ضد هذا الطرف.

سبب استمرار هذه الصراع الطويل هو الموقف الأمريكي. لقد حصلت أمريكا على مئات الفرص لحل هذا الصراع واليوم يتحدث جميع القادة العرب بصوت عال ان أمريكا معنية باستمرار الذبح والقتل بين اليهود والعرب. أمريكا لها رؤية سلبية تجاه أي حل وهي معنية بتأزيم الأوضاع حتى لا يشعر اليهود انهم باتوا احرارا ولا يحتاجونها أكثر، وحتى لا يشعر العرب انهم انهوا الصراع الأساسي وينتبهون الى حضارتهم وبناء دولهم وتبقى المجتمعات العربية شعوب مستهلكة وتبقى القيادات العربية مجرد كمبرادور للبضائع الأسلحة الامريكية .

لا ينتظر احد اعلانا تاريخيا قريبا لانتهاء الصراع، ولكن الجميع ينتظر اعلان وقف الحرب التي تحرق الجميع .
عام 2024 هو عام الحلول الاجبارية. ولا يمكن وقف الحرب من دون عمل استدارة، وهذه الاستدارة هي المخرج من الطريق العالي الى جانب الطريق. ومواصلة السير في الطريق العالي لن تؤدي الى أي مكان، انها تذهب بالجميع واولهم إسرائيل الى اللا مكان واللا زمان .





الدول العربية تستطيع ان توقف الحرب وفورا. والسؤال للدول العربية المؤثرة: من هي الدولة العربية التي تفعل ذلك وفورا !