الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ثورة مصر حشرت نفسها في سجن طرة

نشر بتاريخ: 06/09/2011 ( آخر تحديث: 06/09/2011 الساعة: 19:30 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - من أعظم واهم الاحداث السياسية التي عاشها الوطن العربي في العشرين سنة الماضية كانت ثورة مصر ، بل ان مشاهير الكتّاب في العالم اعتقدوا ان ثورة مصر ستؤدي الى تغيير خارطة العالم وليس خارطة العالم العربي فحسب !! لكن الواقع يشير الى انشغال ثورة مصر بالملف الداخلي اكثر من اللازم .

وقد اعتقدنا في البداية ان الخلل يكمن في اداء الاعلام المصري وتدخل الاعلام العربي الموجّه بالمال والغايات السياسية، وان الازمة التي عاشتها وسائل الاعلام الحكومية والخاصة في مصر اربكت المحللين ، ودفعت بالسياسيين في مصر الى عدم تقديم انفسهم بصورة جيدة . لكن الامر تجاوز ذلك بكثير واصبح اسم ثورة مصر مقترن باسم حسني مبارك وعائلته اعلاميا وثقافيا وسياسيا وماليا . وهو امر يدفع بالثورة الى المراوحة في مكانها وعدم امتلاك ناصية المبادرة الشرق اوسطية او العربية او على الساحة الدولية . وما نراه الان لا يمكن ان يعبّر عن الحضور الحقيقي لمصر في هذه الساحات ، فمصر اكبر واعظم واشدّ واقوى واعمق من هذا الاداء الواهن الذي لا يزال يحشر نفسه بين جدران سجن طرة .

صحيح ان امر حسني مبارك يهمّ كل مواطن مصري ويعتبر قضية في غاية الاهمية اعلاميا وسياسيا وحزبيا في مصر ، لكن استمرار التركيز على قضية مبارك سيدفعنا للسؤال : اذا كان مبارك حكم مصر 17 عاما بشكل غير قانوني فهل يحتاج الامر الى 17 عاما قادمة للنقاش في الموضوع ؟؟؟ وهل يرى المثقف المصري خطورة ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا ؟ وهل يدرك المثقف المصري ان الله والجيش المصري هما اصحاب الفضل في حماية مصر من مواجهات ومذابح كان يمكن ان تقع لا سمح الله .

ان العالم يتغيّر بسرعة ، ونحن كعرب لن ننجح النجاح الكبير الذي نصبو اليه من دون مصر معافاة ومتفقة وموحدة ، وقد لاحظنا ان الثورة التونسية كانت من انضج الثورات واكثرها رومانسية وتستحق ان يطلق عليها ثورة الياسمين ، كما ان التغيير الذي يحدث في ليبيا وان كان عنيفا وتسبب في خراب وقتل كبيرين الا انه تغيير واضح وله استراتيجية معروفة ، ومثل ذلك سوريا واليمن .

ونحن كفلسطينيين ، وكعرب ، نشاهد ونتابع ونتفاعل مع ثورة مصر بكل اهتمام ، لكننا نرى من الواجب اننلفت الانتباه ان الثورة المصرية تبالغ كثيرا في ايلاء الاهمية لمحاكمة مبارك على حساب البرامج الاقتصادية والسياسية والعلمية والصناعية والزراعية المنتظرة من مصر الجديدة ، ولتكن وجوهنا نحو المستقبل وظهورنا نحو الماضي ، تماما مثلما فعلت ثورة تونس ، فالطبيعة لا تقبل الفراغ ، ومصر لا تحتاج الى رئيس جديد فقط ، وانما الى حياة جديدة ومواطن جديد متسامح يصنع ويزرع ويبني المشرق العربي من جديد .