السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

من يعشق الله لا يتحداه

نشر بتاريخ: 08/09/2011 ( آخر تحديث: 08/09/2011 الساعة: 21:39 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - ليس من المطلوب ان يتحدّى العاشق ، ومهما بلغ عشقه وزادت قناعته بنفسه وايمانه بالله يجب ان يزداد تواضعه ، وان يحاول قدر الامكان ان ينجو من الامتحان ، وهكذا عشاق فلسطين ، الواقفون على خطوط النار وخطوط الامم المتحدة ، لم نطلب ان ندخل الامتحان ولا نريد ان يجبرنا احد على دخول الامتحان لنثبت عشقنا وحبنا لفلسطين .

وفي الايام الخوالي القريبة ، اي قبل 1000 عام فقط ، يحكى ان الشاعر الصوفي سمنون ومن شدة ايمانه بالله ، فاض به الغرام الصوفي ، فراح ينشد امام تلاميذه ويتحدّى الله ان يمتحن ايمانه فقال : وليس لي في سواك قلب فكيفما شئت فامتحني ...
ولم يكن يعرف انه اخطأ حين طلب من الله ان يمتحنه ، فاصابه الله بانحباس في البول وصار يتلوى من شدة الالم ، وحين اعجز الطب والدواء وصارت حالته تطلب الشفقة من الاصدقاء والاعداء . ، خرج لتلاميذه يقول ( انا كذّاب انا كذّاب ، يا رب لا تمتحني انا محض كذّاب ). حتى راح انحباس البول عنده وعاد الى تلاميذه يشكر الله ويقول ارجوك يا رب لا اريد الامتحان .

وفي حقيقة الامر لا يقلقني ذهابنا الى الامتحان ، والى الامم المتحدة والى تحدي العالم من اجل فلسطين ، وانما يقلقني عدم التحضير الجيد ، او المكابرة والغرور ، فالخطوة تحتاج الى تصوّف سياسي من اجل فلسطين ، وان نتجاوز خلافاتنا ، وباعتقادي ان الشعب الفلسطيني موحّد ، لكن القيادة غير موحدة وهو امر يثير القلق والريبة ، ففلسطين تحتاج الان الى عاشقين وليس الى موظفين ، تحتاج الينا كعائلة موحدة ، وان كانت بطوننا جائعة فان قلوبنا خاشعة ، بزهد حاضر وصبر الصابر .

وانا ارى ان الجمهور يكثر هذه الايام من الاسئلة ، ما يشير الى عدم اليقين ، كما ان عوامل التشتيت كثيرة ، والاحتلال يشن حربا سيكولوجية واسعة ، ويدعو نصف الاحتياط الى التجنيد وهو تهديد مباشر بالقمع العسكري ، كما ان اخوتنا العرب شحّوا عن فلسطين وصرنا نشحد من الالمان واليابان والدومينيكان والرومان والطليان رواتب أئمة المساجد والاطباء والممرضين وشرطة السير ، فيما تدفع الدول العربية المليارات لحلف الناتو لقصف عاصمة عربية اخرى !!!


نحن لا نريد الامتحان ضد امريكا واسرائيل ، لكن ان فرض علينا فاننا سنكون اوفياء لهذه الارض ، موحّدون ، وسيجدنا العالم اكثر من موحدين ، بل اننا بحاجة الى كل الاقلام والأعلام والرايات والجهود ، بحاجة الى كل فلسطيني يقف ويعلن دولة فلسطين حرة وعاصمتها القدس ، بحاجة الى اعادة الثقة لاطفالنا ، بحاجة الى لحظة تسامح وتصويب وترميم الثقة على اساس المصلحة الوطنية العامة . بحاجة الى نبيل عمرو وعبد الباري عطوان ونضال حمد وابراهيم حمامي ومنذر ارشيد واحمد يوسف وهاني المصري وفيصل ابو خضرة وشاكر الجوهري وعزمي بشارة وغازي حمد وكل شاعر وكل مثقف وكل رسام وكل فنان حر في فلسطين وفي الاردن وتركيا وايران ولبنان والعراق وكل مكان .
هذا يوم فلسطين ، يوم القدس ، يوم الاقصى ، يوم تذوب كل الخلافات ويعم التسامح والتكافل . من اجل فلسطين ومن اجل اطفالنا والاجيال القادمة وسننتصر على الاحتلال سياسيا ودبلوماسيا كما انتصرنا عليه اخلاقيا وحضاريا .