الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد الف عام من التجربة - اهلا وسهلا برئيس روسيا

نشر بتاريخ: 21/06/2012 ( آخر تحديث: 27/06/2012 الساعة: 11:26 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - شهدت العلاقة العربية الروسية حالات مدّ وجزر في مراحل تاريخية تمتد الى الف عام من التجربة ، وكانت المرحلة الاولى حين انتشر الاسلام زمن الفتوحات العربية ووصل الى اكتاف روسيا ، من سمرقند الى طشقند الى كازاختسان وايران وداغستان وبوشكيرستان الى جبال الاورال . وقد امتازت هذه المرحلة بتفاعل حضاري وتبادل ثقافي مثمر فازدهر علم الفلك في سمرقند والزراعة والعلوم والتربية في براري روسيا ، وقد وجد العرب في شعوب روسيا الباردة مكانا دافئا للصداقة ، ووجد الروس في العرب القادمون من الصحراء اللاهبة اصدقاء اوفياء حضاريون امتلكوا ناصية الثقافة والفروسية والعلم وحاربوا الهمجية وزرعوا الارض ثمار التعاون فازهرت فكرا واثمرت عملا دؤوبا .

وحين انشغل العرب في نزاعاتهم لم تتدخل روسيا القيصرية ، وحتى مع دخول المرحلة الثانية وهي مرحلة الخلافة العثمانية ظلت علاقة العرب بشعوب روسيا علاقة لها جذور المحبة والتعاون والتبادل .
اما المرحلة الثالثة فكانت مرحلة انهيار الخلافة العثمانية ونشوء الشيوعية في اطار الاتحاد السوفييتي ، وقد كتب لينين اكثر من مرة عن الحضارة الاسلامية بل وانتقد الصليبيين الهمج الذين حطموا الحضارة الاسلامية في الاندلس وقال : استغرب كيف يقوم شعب بتحطيم تاريخه الذي صنعه بكلتا يديه .

وقد كان الحزب الشيوعي الفلسطيني من اوائل الاحزاب الشيوعية في العالم ، ومنذ بداية العشرينيات وحتى عام 1948 ظل الحزب الشيوعي من اقوى الاحزاب الفلسطينية على الاطلاق ، حتى انه نافس الاخوان المسلمين وغلبهم ونافس حركة القوميين العرب وحاصرها ، ولكن الصدمة الكبرى كانت اعتراف روسيا باسرائيل ، بل ان الاتحاد السوفييتي كان اول دولة في العالم تعترف باسرائيل لان الروس صدّقوا " كذبة " الحركة الصهيونية واشتراكية شمعون بيريس وان اسرائيل ستكون دولة اشتراكية كيبوتسية مبنية على التعاونيات والمساواة .

المرحلة الرابعة كانت مرحلة الثورة المسلحة الفلسطينية ، وقد ادركت روسيا انها تعرضت للتضليل وان اسرائيل احتلال امبريالي نجس ، فسارعت لتزويد الثورة الفلسطينية بالسلاح ودورات التدريب حتى نكاد نقول ان معظم قادتنا واباءنا الثوار حصلوا على التدريب من روسيا وهو امر استمر حتى بداية التسعينيات .

عقب انهيار الاتحاد السوفييتي انفتحت روسيا على الغرب بدء من مطاعم الهامبرجر وبنطلونات الجينز ووصولا الى الشركات الاحتكارية العالمية ، وفي هذا الوقت اقتصرت علاقة فلسطين بروسيا بالمنح الدراسية التي تقدمها روسيا الصديقة لطلبتنا ، ومساعدات انسانية وسياسية في المحافل الدولية . وقد انفتحت روسيا على كل العالم في عصر البروسترويكا بزعامة غورباتشوف ويلتسين . وظل الامر حتى وصول بوتين ومن بعده الرئيس ميديديف والان مرة اخرى بوتين .

نقطة التحوّل الحاسمة في العلاقة العربية الروسية كانت الربيع العربي ، وقد تشكّكت روسيا منذ البداية بمحاولة الولايات المتحدة وحلف الناتو بركوب حصان الثورة العربية الجامح ، وطالبت ان تترك حرية القرار والاختيار للشعوب دون محاولة الشركات الغربية مثل الفيس بوك وجوجل والتويتر وياهو لوضع انشوطة وزارة الخارجية الامريكية على عنق حصان الثورة ، ورفضت التدخل العسكري في ليبيا او اية دولة اخرى .. لكنها لم تتمكن من اقناع احد في هذا العالم .

اما الان وبعد ما تتعرض له سوريا وهي حليف روسيا الوحيد في العالم العربي ، وسير العالم كله تقريبا في فلك امريكا واسرائيل ، يقف المشهد هنا في لحظة ثقيلة وخطيرة ... فلم يتبق لروسيا الا فلسطين حليفا وصديقا ، ولم يتبق لفلسطين سوى روسيا بعلاقة صداقة عمرها الف عام .

اهلا وسهلا برئيس روسيا فلاديمير بوتين في بيت لحم .... اهلا وسهلا بالصديق القادم من بلاد الثلج الى دفء الصحراء ... ولنطوي صفحة التردد ونبدأ صفحة صداقة كاملة وشاملة وعاقلة اساسها الارض المحتلة وافاقها عنان السماء .





المرحلة الخامسة