الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عرس بغل

نشر بتاريخ: 19/02/2014 ( آخر تحديث: 23/02/2014 الساعة: 22:24 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

يجب ان نطالب كل مسؤول ومن اي جهة كانت ،حين يرفع شعارا ان يشرح للجمهور خطته لتطبيق وانجاح هذا الشعار وكيف ؟ وفي اي سقف زمني ؟ حتى لا نكون كالضيوف على عرس بغل ....

من يقرأ رواية "اللاز" للروائي الجزائري الطاهر وطار , سيعتقد لبرهة ان الكاتب لن يبدع ولن يكتب ولن يصل الى مرحلة افضل من هذه الرواية . ولكنه حين يقرأ رواية " عرس بغل " يعرف ان الكاتب وصل الى ذروة التجلي والابداع .

اللاز بطل القصة الاولى هو منحط وخائن ومتعاون مع الاحتلال الفرنسي وخادم لشهواته المنحرفة واغتصب خالته " حيزية " دون ان يرمش له جفن ، ولكن اللاز يتحوّل في لحظة المدّ الثوري الى ثائر يفجّر دوريات الاحتلال الفرنسي ويقاتل ببسالة من اجل بلده ويدافع عن رفاقه على درب السلاح . ثم يحزن حتى ينفطر قلبه , فينزوي في بطن الجبل ويعتقد الناس انه شيخ من الاولياء الصالحين يحجّون اليه ويطلبون بركاته .

اما عرس بغل فبطل القصة يكون شيخ يدعى "كيان" وهو موحّد قرر البدء بدعوته من مواخير الدعارة ، ومن بين افخاد الفاجرات الفاحشات . فيذهب الى هناك ينشد الاصلاح ولكنه سرعان ما يقع في هوى الغانية " عنابية " وتصبح باقي الغانيات مثل زينة النفوس ومثيلاتها بطلات في قصة حياته بدلا من ان يكون هو بطل في قصة حياتهن .

وربما لا ندرك نحن معشر القراء ماذا قصد وزير الثقافة الجزائري من خلال رواياته فترة الاستقلال ، لكن وبما اننا نعيش اليوم فترة مشابهة وننوء تحت نفس الشعارات المشابهة ، تستدعينا الحاجة ان نقرأ تجارب الشعوب اكثر وان نعرف ان مرحلة الاستقلال مليئة بالحمل الكاذب والشعارات الملتبسة ، وان البدايات قد لا تؤدي دائما الى النهايات المعلن عنها ، لان المتوخّى والمنشود قد يختلف عن النهايات المسجلة ، وليس كل لاز الى جهنم وليس كل شيخ الى الجنة .

ملاحظة : برز في شمال فلسطين في مرحلة السبعينيات والثمانينيات اسم النغل ، والنغل هو ناتج تزاوج البقرة مع حمار وكان اصحاب المحاجر يستخدمون هذا المخلوق الذي يشبه " الشيطان الاسود " في حمل الحجارة الكبيرة من المقالع ورفعها الى الجبال لقوة جسده ولكن أئمة المساجد نهوا كثيرا عن تزويج الحمير بالابقار فكف الفلاحون عن ذلك . اما البغل فهو مخلوق يأتي من وراء تزاوج الحمار مع الفرس ، وان باهى وفاخر بخاله الحصان فانه خجل من عمه حمار ، وفي الواقع انثى البغل لا تحبل ، فالبغال اذن لا تنجب ولا تتزوج ، والبغل لا عرس له ... وانما اسم الرواية مجرد سخرية اخرى من الواقع وغمز في قناة الحاضر السياسي .