الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صاحب دكان افضل من عقيد

نشر بتاريخ: 23/02/2014 ( آخر تحديث: 26/02/2014 الساعة: 20:42 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

تثبت التجارب الحديثة ان الخطط الثلاثية والخمسية لا تنجح . كيف تنجح والوزير لا يجلس في مقعده عام او عامين وبعدها يجري استبداله ؟؟ والذي نجح في تركيا وايران وماليزيا واسرائيل هي الخطط طويلة المدى التي تصل الى 15 عاما او 20 عاما ويجري الزام جميع الوزراء بتنفيذها تباعا .

الحكومات تدير العمل ، تشرف على مستوى نيران محدود من التنافس بين الشركات الاحتكارية ، وقد تعمل على توزيع الادوار هنا او هناك وتستعين بأجهزتها ودمغاتها وتفرض شروطها لكن قواعد اللعب لا تتغير ، فالحكومات تحافظ على الحد الادنى من قوانين البقاء والعيش الكريم لمواطنيها فيما يملك القطاع الخاص الافاق الرحبة والفضاءات اللامتناهية للابحار بسفينة الاعمال الى كواكب المجرة .

الحكومات تنوء بالحد الادنى من الامكانيات ، ولا يمكن ان تنافس القطاع الخاص لانها مسؤولة عن فئات المجتمع الضعيفة والفقراء والايتام والمدارس الابتدائية ، الحكومات مسؤولة عن ذوي الاحتياجات الخاصة والبؤساء وعابري السبيل ومطلوب منها ان تحافظ على حقوق الكافر والعابد والعامل والعاطل والعاقل والسافل على حد سواء .

الحكومات مسؤولة عن المشافي والادوية ومطلوب منها ان توفر لقمة العيش لجميع الشرائح المعدمة وان توظف الخريجين وان تهتم بالاقليات وتحارب الامراض الفتاكة وتوفر دواء للاسهال في القرى النائية فيما القطاع الخاص يمكن الا يفكر حينها سوى في استيراد الكافيار او السجائر العالمية.فالحكومات تأخذ العمل " الوسخ " قبل النظيف فيما تهنأ الشركات الخاصة بأفضل العروض واطيب الاعمال النظيفة ان جاز التعبير . والحكومات ملزمة اما القطاع الخاص فهو مخيّر .

ومن هذا المنطلق علينا ان نفرّق بين الشعارات التي ترفعها الحكومة وبين الشعارات التي ترفعها شركات القطاع الخاص الامال والطموحات التي تطالب بها شركات القطاع الخاص ، او المنظمات غير الحكومية ، فلو انقطع التيار الكهربائي عن قطاع غزة او عن قرية صغيرة في الاغوار ، اننا سوف نرمي باللائمة على رئيس الوزراء رامي الحمد الله ولن نطالب بمحاسبة التنظيمات او شركات القطاع الخاص او الكارتيلات ، وان كنا نكتب عنهم بنوع من العتب احيانا وهو منطق لا يعتمد على القانون بقدر ما هو حث اعلامي للتدخل .

والحال هذا ، مطلوب من خريجي الجامعات اناثا وذكورا ، ان يفكروا ويخططوا لعشرين او ثلاثين سنة قادمة اذا رغبوا في العيش داخل مجتمع حضاري متطور ولائق ، وان يعرفوا ان العمل في الحكومات هو الاكتفاء بالحد الادنى والاجر الادنى طوال العمر ، وان العمل والاستثمار في المشروعات الصغيرة او التعاونية ضمن القطاع الخاص هو الحل الامثل لمشكلة معظم العاطلين عن العمل .

ولان القطاع الخاص غير محمي وظيفيا وفيه مخاطر الخسارة تكون اجور العاملين فيه - بجب ان تكون - أعلى بكثير من العاملين في الوظائف الحكومية / مع الاشارة ان جميع خريجي الجامعات الفلسطينية ومعهم عشرات الاف العمال العاطلين عن العمل يمكن تشغيلهم في مصنع واحد لو أراد القطاع الخاص ان يغامر .

لغاية الان تبدو الحكومة مرتبكة في التعامل مع القطاع الخاص وكأنها تندم حين تعطي الشركات امتيازات وتغرق رجال الاعمال الصغار بالضرائب والجمارك التي قصفت طموحاتهم !! لا تندمي يا حكومة واطلقي جناح القطاع الخاص ليعمل بكل قوة .

ولغاية الان يبدو القطاع الخاص في فلسطين جشعا وجبانا ، فهو لا يشبع من الارباح ولا يبادر الى مشاريع الهاي تيك او مناطق صناعية للعمال ، ولا يمكن ان نقتنع ان الف مليونير فلسطيني والشركات الكبرى جميعها لم تنجح في اقامة منطقة صناعية واحدة او مصنع كبير يستوعب الاف العمال !!