الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

هواتف ذكية ومستهلكين أغبياء

نشر بتاريخ: 10/12/2015 ( آخر تحديث: 10/12/2015 الساعة: 11:07 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

يتجه العالم نحو النانو ، وهي المرحلة القادمة التي ستحكم البشرية لخمسين سنة قادمة ، وهي المرحلة الاقدر والاسرع لاستخدام العلوم الاصغر والاقل تكلفة والاكثر ذكاء ودقة منذ نشوء المجتمعات البشرية المعروفة قبل عشرة الاف سنة ، وسوف تدخل علوم النانو في الصناعات الغذائية والزراعة والمواصلات والاتصالات والمطاعم والصناعات الخفيفة والثقيلة والاستنساخ ، وهكذا أصبحت الرياضيات والعلوم عماد تطور اي مجتمع وهو ما دفع نتانياهو الى التوسل للجيل اليهودي في اسرائيل للعودة الى دراسة الرياضيات وادارة الاعمال والعلوم لانه من دون ذلك لن تدخل اسرائيل الى عالم الهاي تك ( التكنولوجيا المتطورة ) ، وان الاستثمار في كليات العلوم هو " النفط الحقيقي " لكل امة ولكل شعب .. حيث ان اقتناء او امتلاك ثروات الارض لا تكفي لوحدها من اجل احراز التقدم المطلوب ، بل ان امتلاك العلوم القادرة على التعامل مع ثروات الارض والمجتمع هي الضربة الحاسمة .

في العام 2000 احتفل العالم بفك شيفرة عناصر الطبيعة ، واعادوا فهم جدول ماندليف بطريقة تسمح بفصل العناصر الطبيعية والتحكم بها واستخدامها ، وان فصل الخلايا وفصل العناصر يعتبر البوابة الرئيسية للمرحلة التي نتحدث عنها ، ورغم ان بابا الفاتيكان والرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون والدول العظمى ناشدت العلماء عدم استنساخ البشر لان ذلك يتعارض مع الاديان والاخلاق البشرية ، الا انه لا يوجد اي ضمانة ان الاخرين التزموا ، والانكى من ذلك ان اصحاب الدعوات انفسهم جشعون وقد يكونون هم من اخترقوا هذا العهد قبل غيرهم .

وقد يدخل العالم مرحلة النانو بكل قوة ، الا ان الامر الاكثر اهمية هنا هو الاخلاق ، واخلاق الامم لا يمكن استنساخها وبيعها في بورصة شيكاغو ، وستبقى صناعة بيتية ، تتكون في الاسرة ، والمدرسة ودور العبادة . ومهما صنعت المختبرات هواتف ذكية الا ان توازن الحياة لا يكون الا مع الاخلاق والفرح والمحبة والمعاشرة والصداقة والمسرّة ، وقد يصنع النانو حياة قوية الا انها لن تكون حياة سعيدة الا بوجود الوازع القيمي بين البشر ، والصواريخ والراجمات قد تهدم بناية في ثوان معدودة لكنها لا يمكن ان ترسم ابتسامة على وجه طفل .

وتتهافت الامم مثل الكلب المسعور لاقتناء التكنولوجيا والهواتف الذكية ، لكن باريس وتل ابيب وبروكسل وواشنطن ولندن صارت مثل حلب ودرعا وبغداد ومصراتة ، فقدت الامن والامان لانها لم تصنع جدارا قيميا مقدسا .

فقد العالم القدرة على انتاج العدل ، وصنع وحشا من دون ضوابط ، وكما توقع المثقف العربي في العام 2010 ، ها هو الربيع العربي ينتقل الى قارات العالم كلّها ، ويحل الدمار والخراب على رؤوس الجميع في ما يشبه حربا كونية ثالثة .... وقد تنجح مختبرات الغرب في ( استنساخ زعماء عرب ) وأن يصنعوا لنا فلانا وابا فلان وعلانا اوبا علان  ليعودوا ويحكموا ما تبقى منا ، الا ان اساس الظلم في هذا العالم هو اسرائيل ، فاسرائيل تحوّلت من كيان احتلال ارض وشعب الى منبع الشرور في هذا العالم ، وقد يرى كبار المنظرين ان امريكا غير قابلة للانهيار مثل بريطانيا العظمى و الاتحاد السوفييتي ، ولكنني ارى ان امريكا بدعمها المطلق للصهيونية والارهاب اليهودي والاستيطان باتت اقرب الى الانهيار من كل الحضارات الاخرى ، وفي حال انهارت قوة امريكا في السنوات القادمة فان السبب الرئيس لانهيارها سيكون اسرائيل .
وبعد ان يتم القضاء على داعش تماما ، ستصحو الجماهير العربية وترى مدنها قد تهدمّت ، وستقوم بطرد السفير الامريكي من كل العواصم وهي الاشارة الاولى والحاسمة لانهيار سيطرة امريكا على العالم مرة والى الابد .