الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كوشنر وخيوط المؤامرة

نشر بتاريخ: 31/08/2017 ( آخر تحديث: 31/08/2017 الساعة: 09:51 )

الكاتب:علي قباجه
"صاحب مظلمة يشكو للذئب افتراس الضبع لأبنائه"، فجاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض، الذي اجتمع مع محمود عباس مؤخراً، بزعم بحث السلام، وفتح قنوات لحلول جذرية للقضية الفلسطينية، لا يمكن أن يحمل في جعبته إلا المؤامرات والدسائس، التي تستهدف الفلسطينيين في مقتل، والتفاؤل الذي أبداه هو شيك بلا رصيد، ولا يمكن أن يكون جاداً؛ وذلك قياساً على أيديولوجية الإدارة الأمريكية الحالية، التي يمكن وصفها بأنها "إسرائيلية" أكثر من "الإسرائيليين" أنفسهم. وهذا الكلام لا نلقيه جذافاً، فالوقائع هي التي تتحدث. فسفير واشنطن لدى الكيان هو يهودي مستوطن متطرف له بيت أقيم على أراضي الفلسطينيين في القدس المحتلة، وترامب، خلال زيارته، للأراضي المحتلة تغزل بنتنياهو كأنه ولي حميم، وتجاهل في خطاباته "حل الدولتين" المزعوم، كما اعتمر القلنسوة اليهودية، وأدى صلواته عند حائط البراق المحتل.
لذا الثقة في هذه الإدارة، والانفتاح عليها، هو ثقب أسود قد يبتلع كل فلسطين، ولن تسلم الدول العربية أيضاً.. فالمخطط صهيوني، والمنفذون له كثر ومنهم الولايات المتحدة. فإذا صحت أقاويل الإعلام العبري بأن عباس قرر تأجيل إجراءاته ضد "إسرائيل" في الأمم المتحدة، انتظاراً لخطة السلام التي ينوي الرئيس الأمريكي طرحها، فإن هذا قد يكون فيه مكمن الخطر، ومن هذه الثغرة قد تؤتى فلسطين. فالكيان في هذه المرحلة يسعى لكسب المزيد من الوقت لإكمال خططه التوسعية، واستكمال إحاطة الضفة بكماشة الاستيطان، وكان نتنياهو قد أكد ذلك واستفزز بصوته، عندما اعتبر أن الضفة هي أراض "إسرائيلية" ولا يمكن بأي حال نزع الاستيطان منها.
الثقة في غير مكانها ضعف وارتكاس، وتجربة المجرب قد تودي بنا إلى المجهول، فالإدارات الأمريكية السابقة كانت خنجراً مسموماً في خاصرة الفلسطينيين، وهي التي أعطت الكيان شيكاً مفتوحاً وأغدقت عليه الأموال والسلاح بما يكفي لإبادة العرب، كما منحته الأفضلية في الإقليم بكل شيء؛ لذا فالإدارة الحالية التي ثبت ولاؤها الكامل وانحيازها لقبضة الاحتلال، فإن المراهنة عليها ضرب من العبث.
لدى الفلسطينيين الكثير من الامكانات، وعليهم التعويل عليها، فالشعب قوة حية، وإرادته من حديد، وقد جُرب في ميادين النضال، وقد عمد الأرض الفلسطينية بدماء مئات الشهداء، وكانت الكلمة له في البدء والمنتهى، فالتوجه إلى البيت الداخلي لا بد أن تكون أولوية لدى القيادة الفلسطينية، ومن ثم البحث عن حلفاء دوليين يقدمون للقضية الدعم الحقيقي، والمناصرة في المحافل الأممية؛ لمحاكمة "إسرائيل" على جرائمها دون تأجيل، والعمل على استبعاد واشنطن عن الملف مهما كلف ذلك من ثمن؛ لأنها هي من أمدت الكيان العبثي القائم على جماجمنا بأسباب الحياة، ولا بد من ردة فعل توازي حجم فتك الصهاينة وداعميه في البيت الأبيض. قد تواجه السلطة الكثير من الضغوط، ولكن هذا هو الخط الطبيعي لأي فعل ثوري، فلا يمكن الانتصار دون تضحيات، والشعب سيكون حائط الصد الأول في تثبيت خطوتها في حال أقدمت عليها.

[email protected]