الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرق بين رجال المقام ورجال المقال ، بين العابد والعبد

نشر بتاريخ: 16/04/2014 ( آخر تحديث: 19/04/2014 الساعة: 15:16 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

هناك رجال مقال ، وهناك رجال مقام ، رجال المقال أنيقون و مفوّهون ، خطباء بلغاء يعتلون المسارح ويخطفون الانظار وبث الفضائيات يبدأون بدايات صحيحة ثم يسقطون عادة في حديقة السلطان ( سلطان الحكم او سلطان المال او سلطان الشهرة والسلامة الفردية ) . ورجال المقام يعملون بصمت ، ويحفرون الانفاق ولا يخافون الزنازين ويقبضون على الجمر ، وغالبا لا يجيدون الحديث امام الكاميرات .

والعابد , خاشع متقشّف وعينه مكسورة من شدة التواضع لله ، ولفكرته التي حملها يدافع عنها من اجل المصلحة العامة وهو مؤمن عاشق ، تذوب حشاشة قلبه حين يضرع الى الله في عمل الخير . اما العبد فعينه مكسورة من شدة الذلّ وهو يحاول استرضاء سيده من اجل مصلحته الخاصة ، تراه يبتسم تكلّفا ويهز ذيله جذلا ليرضى عنه ولي نعمته .

رجال المقال يصرخون ويكتبون كثيرا لاقناع الناس بصدق نواياهم ويقسمون أغلظ الايمان انهم يدافعون عن الامّة وقضاياها والناس يعرفون انها مجرّد مهنة يعتاشون منها وانهم لا يختلفون كثيرا عن سائق سيارة الاجرة والبلّيط وبائع التحف ، ورجال المقام لا يطلبون رضى احد ، ولا يحتاجون ان يغلظوا الايمان لاقناع اي سلطان بصدق قولهم .

والعابد صوفيّ عاشق يناجي السماء خشوعا ورضوخا ، والعبد لا يمكن ان يعشق لانه مستعد للتنازل عن معشوقته اذا اختلفت مع مصالحه ، فالعشق عنده نوع من أنواع الملكية والاستحواذ . وحتى لو أظهر غيرته ولهفته فانها غيرة التملك وليست غيرة الوجد والهيام .

المسجد الاقصى يتعرض هذه الايام الى اوسع واخطر هجمة صهيونية تقودها جماعات " مجنونة " وراديكالية ، وبمشاركة المؤسسة العسكرية والشرطية والبرلمانية والحزبية والمالية الاسرائيلية قررت اسرائيل ان تلعب بالنار وتفتح الساحة لمجموعة من المرضى النفسيين والعقليين ليعبثوا بمفاتيح الحرب الدينية .
والاقصى يحتاج الى عابدين ورجال مقام ... ولا يحتاج الى عبيد ورجال مقال .

لان سقوط المسجد الاقصى سيحتّم سقوط جميع العروش العربية وجميع الاحزاب الحاكمة سواء كانت قومية او اسلامية او تكنوقراط ، وستسقط جميع الجيوش العربية لان كل مسلم وكل مسيحي عربي سيحمل سلاحه للدفاع عن نفسه وعن قدسه من دون اذن اجهزة المخابرات ووتسجيل النفوس ، ولن ينجح العبيد ولا رجال المقال هذه المرة بحمل المايكروفونات والظهور على الشاشات للصراخ والاكتفاء بتحميل اسرائيل المسولية واقناع الجماهير العربية ان المرحلة حرجة وان الامّة تمر ّبمرحلة حرجة ، بل هم من سيمرّون بمرحلة حرجة ، وان كانوا لا يريدون الدفاع عن الاقصى فلدافعوا عن عروشهم وقصورهم وجيوشهم ومنازلهم وعوائلهم .