الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في نهاية العام ....

نشر بتاريخ: 28/12/2015 ( آخر تحديث: 28/12/2015 الساعة: 14:48 )

الكاتب: يونس العموري

ها هو العام يوشك على الرحيل وحالة هذا الوطن ليس بأيسر حال، لا بسبب الاحتلال وممارسته فحسب فقد امعنا بالتعود عليه، وصرنا نعي طبائعه وكيف من الممكن ان نحيا في ظل جبروته، وكيف لنا ان نسرق ونختلس لحظات الحياة ان كان ذلك ممكنا، بل لأننا اضحينا جماعات تمارس فعل خفافيش الليل بهدف انجازات مصلحية ليس لها علاقة بالوطن وفعلنا الوطني، فقد صارت كل الوان هذا الوطن باهتة وغير مقنعة، وتبدل الحق بالباطل والباطل بالحق، واختلطتت كل المعايير وانقلبت مقاييس الوفاء والشرف والكرامة، وأصبحت حرية الكلمة واحدة من الإزعاجات التي من الممكن ان تهدد عروشهم. وتكشف زيفهم، وتعريهم امام حقائقهم، فقد صارت عادة من عادات هذا الوطن ان نصحو كل صباح على تهديد لهذا الكاتب او ذاك الصحافي او واحدا من المحللين السياسين لأنه قد تطاول بمقالته على الزعيم الفلاني ابن الفلاني أو انه انتقد مواقف هذا التنظيم او ذاك الحزب او تلك الجماعة او انه قد مارس فعله الكتابي بحرية وامانة، وعبر عن حقائق الأشياء كما يراها او كما هي تتراءى، ويأتيك من يتصل ليلا محاولا ان يبدأ كلامه بشيء من التخويف او التخوين، منصبا نفسه سيد هذا الوطن ويعطي لنفسه الحق في توزيع الشهادات الوطنية وما هو الا واحد من هؤلاء الذين ارتضوا ان يبعيوا انفسهم لزعيم قد يكون متنفذا هنا او هناك، ليلعب دور صبي المعلم، المؤتمر بأوامر سيد يلقي له الفتات بأخر النهار، او ان يكون جزء من ميلشيا تمارس فعلها تحت جنح الليل مدعية انها الأحرص على الوطن، وعلى مسيرة شعبه، والمؤتمنة على انجازاته معطيه نفسها الحق في فعل القتل والخطف والتخوين والأجرام.

لقد اصبح هذا الوطن الجميل غابة يمارس فيها الكبار فعل اصغر الصغار، وصارت الكلمة الحرة فيه ثقيلة لا يحتملها مثل هؤلاء الكبار المتربعين على عروشهم الكرتونية.
وهي كلمة بنهاية هذا العام الى كل من يهمه الأمر فاسمعوها جيدا، سنستمر بقول كلمتنا وبكتابة افكارنا ولن نكف عن رسم ارءنا على اوراقنا البيضاء لأننا نؤمن بهذا الوطن ونؤمن بفلسطينيتنا أكثر.

وللقدس ايضا كلمة بنهاية العام فأسمعوها....
ها هو العام على وشك الترجل، والقدس ماضية بأحزانها، والسواد يكللها، ممعنة بأشجانها، تنوح ايامها، ويلفها اهمال اهلها، وذويها، هاهي القدس تدخل عامها الجديد وهي مغتصبة شاكية باكية وما من ناصر لها، هاهي تصرخ فينا بليلة لربما تكون قمرية ولربما تشحذ هممنا من جديد... ان الفظوا عنكم كل غباركم وتعالوا الى احضان مدينتكم، وانبذوا كل من ينطق باسمها عبثا ومن يتاجر بأهاتها، ومن يتربع على عرشها كأميرعصره وزمانه. فيا كل العاشقين تجمعوا.. ويا معذبي الأرض انهضوا... ويا أيها المصلوبين على الجدران العتيقة انتظاركم طال... وحلمكم ما زال يتشكل... اكسروا الصمت.... وتعالوا الليلة نحن بالانتظار... تعالوا عند قنطرة بالبيت العتيق.. تعالوا لنحكي قصص المدينة... وعاشقة كانت بالمكان... تعالوا لنسمع معا صهيل الخيول وأنين العذارى... تعالوا فالقدس الليلة بالانتظار... والقمر على موعد معها.... فبمثل هذه الليلة كان القمر غائبا.... وعدها بالسطوع وغاب خائنا.... تعالوا... سنبكي الليلة... وننوح في حواريها.... ونعلن حزننا الأبدي.... تعالوا فلن نبرح المكان.... ولن نمارس اغتصاب نساؤنا.... وسنمارس صراخنا وضجيجنا... تعالوا لندشن وإياكم كرنفالية الموت... واحتفالية الرحيل... فقد كان العاشق هنا... منتظرا قدومها.... والموت أيضا كان يتربص... تعالوا متسللين فمن الممنوع عبور العشاق... تعالوا متخفين فيهوذا يكمن بالمكان.... تعالوا بغضبكم وأحزانكم.... تعالوا سكارى.... لنمارس نواحنا على الأسوار العتيقة.... تعالوا عرايا.... لنشهد اغتصابات المدينة.... تعالوا بلا رجولة... فنساء الحواري غادرن منذ البعيد.... تعالوا لقسم المدينة.... تعالوا لقسم الموت... تعالوا لقسم الحزن.... تعالوا لقسم القدس....

فيا ايها السادة هذه كلمات القدس فاقرأوها، واحفظوها، ورتلوها، وامعنوا معها بالحزن، فقد طال اغتصابها... وهي الرابضة بمكانها ولن تبرح مكانها، ولن تقبل القسمة على اثنين، وستبقى عربية تنطق بلغة الضاد، وان غيرتم كلماتكم، ولغتكم، ولهجتكم، وان استوهتكم اضواء الصخب الليلي، واعلنتم خياناتكم لأحلامها ولنهارها وليلها، وعبرتم بخجلكم ازقتها وانتم تشهدون اغتصاباتها وتستمعون لأناتها.... وتعبرون مسرعين خوفا من عذابات قد تصيبكم....
القدس في واقعها هذا وهي تلف عامها انما تعلنها من جديد... ستبقى وفية لعهودها ولقسمها.... ولرجالها المتمرغين بوحلها ... العالمين العارفين بخباياها... المتعبدين بحضرتها... القابضين على حقيقتها... المتوحدين برحابها... وموسيقاها ستصدح بكل أمكنتها مزعجة كل ثعالب الليل... مؤنسة لعشاقها.. وتكبيراتها ستعلو بليل العتمة حتى يأتيها نهارها.... واجراس كنائسها لن تخون الجلجلة... ويسوع سيأتيها سائرا بدروب الالامها... والنبي العربي لابد ان يصلي بمحرابها من جديد... فهذا وعد القدس والقدس لن تخون عشاقها... وستحرق كل من تأمر عليها ومن سمع صراخها ولم يحركه ساكنا... وستلعن كل هؤلاء المتربصين بها... والمنتظرين استسلامها...

اذن مرة اخرى يمضي عام ونستقبل اخر والسؤال يتكرر الف مرة ... الى متى سنظل هكذا دون مبادرة خلاقة لفعل الفعل، ولنفض الغبار عن الطرقات البهية، وهذا الموت المجاني المنتشر بالطرقات صباح مساء دون ان يتقدم من هؤلاء المفترضين لحمل لواء استثمار الدم وانفاذ وصاياهم والتقدم ولو خطوة تجاه بالاتجاه الصحيح، بالكلام المباح والمباشر هل لنا ان نرتقي الى مستوى من يجوب الطرقات والازقة باحثا عن معنى الخلاص وللخلاص اشكال متعددة تبدأ هنا بالحلم ونقش احرف الكتابة دون خوف او وجل والترجل بازقة القدس دون حسابات للخطوات ....